عن الله فالغافل يفرح بلهوه وهواه والعاقل يفرح بمولاه وأنشد سمنون في هذا المعنى:
وكان فؤادي خاليا قبل حبكم ... وكان بذكر الخلق يلهو ويمرح
فلما دعا قلبي هواك أجابه ... فلست أراه عن فنائك يبرح
رميت ببعد منك إن كنت كاذبا ... وإن كنت في الدنيا بغيرك أفراح
وإن كان شيء في البلاد بأسرها ... إذا غبت عن عيني لعيني يملح
فإن شئت واصلني وإن شئت لا تصل ... فلست أرى قلبي لغيرك يصلح
لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان لهم يومان يلعبون فيهما فقال:"إن الله قد أبدلكم يومين خيرا منهما يوم الفطر والأضحى" فأبدل الله هذه الأمة بيومي اللعب واللهو يومي الذكر والشكر والمغفرة والعفو ففي الدنيا للمؤمنين ثلاثة أعياد عيد يتكرر فهو يوم الجمعة وهو عيد الأسبوع وهو مترتب على إكمال الصلوات المكتوبات فإن الله عز وجل فرض على المؤمنين في كل يوم وليلة خمس صلوات وأيام الدنيا تدور على سبعة أيام فكلما دور أسبوع من أيام الدنيا واستكمل المسلمون صلواتهم فيه شرع لهم في يوم استكمالهم وهو اليوم الذي كمل فيه الخلق وفيه خلق آدم وأدخل الجنة وأخرج منها وفيه ينتهي أمد الدنيا فتزول وتقوم الساعة فالجمعة من الإجتماع على سماع الذكر والموعظة وصلاة الجمعة وجعل ذلك لهم عيدا ولهذا نهى عن إفراده بالصيام وفي شهود الجمعة شبه من الحج وروي: أنها حج المساكين وقال سعيد بن المسيب: شهود الجمعة أحب إلي من حجة نافلة والتبكير إليها يقوم مقام الهدي على قدر السبق فأولهم كالمهدي بدنة ثم بقرة ثم كبشا ثم دجاجة ثم بيضة وشهود الجمعة يوجب تكفير الذنوب إلى الجمعة الأخرى إذا سلم ما بين الجمعتين من الكبائر كما أن الحج المبرور يكفر ذنوب تلك السنة إلى الحجة الأخرى وقد روي إذا سلمت الجمعة سلمت الأيام وروي أن الله تعالى يغفر يوم الجمعة لكل مسلم وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما طلعت الشمس ولا غربت على يوم أفضل من يوم الجمعة" وفي المسند عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في يوم الجمعة: "هو أفضل عند الله من يوم الفطر ويوم