وهؤلاء وفدي شعثا غبرا أعطوهم ما سألوا واخلفوا لهم ما أنفقوا حتى إذا كان عند غروب الشمس أقبل عليهم فقال: ألا إني قد وهبت مسيئكم لمحسنكم وأعطيت محسنكم ما سأل أفيضوا بسم الله".
وروى إبراهيم بن الحكم بن أبان حدثنا أبي حدثنا فرقد قال: إن أبواب السماء تفتح كل ليلة ثلاث مرات وفي ليلة الجمعة سبع مرات وفي ليلة عرفة تسع مرات وروينا من طريق نفيع أبي دواد عن ابن عمر مرفوعا وموقوفا: "إذا كان يوم عرفة لم يبق أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا غفر له قيل له: أللمعروف خاصة أم للناس عامة؟ قال: بل للناس عامة" وخرج مالك في الموطأ من مراسيل طلحة بن عبيد الله بن كريز أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما رؤي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه يوم عرفة وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رؤي يوم بدر" قيل: وما رأى يوم بدر قال: "رأى جبريل عليه السلام وهو يزع الملائكة".
وروى أبو عثمان الصابوني بإسناد له عن رجل كان أسيرا ببلاد الروم فهرب من بعض الحصون قال: فكنت أسير بالليل وأكمن بالنهار فبينا أنا ذات ليلة أمشي بين جبال وأشجار إذا أنا بحس فراعني ذلك فنظرت فإذا راكب بعير فازددت رعبا وذلك لأنه لا يكون ببلاد الروم بعير فقلت: سبحان الله في بلاد الروم راكب بعير إن هذا لعجب فلما انته إلي قلت: يا عبد الله من أنت؟ قال: لا تسأل قلت: إني أرى عجبا! فأخبرني؟ فقال: لا تسأل فأبيت عليه فقال: أنا إبليس وهذا وجهي من عرفات رافقتهم عشية اليوم اطلع عليهم فنزلت عليهم المغفرة ووهب بعضهم لبعض فداخلني اللهم والحزن والكآبة وهذا وجهي إلى قسطنطينية انفرج بما أسمع من الشرك بالله وادعاء أن له ولدا فقلت: أعوذ بالله منك فلما قلت: هذا الكلمات لم أر أحدا.
ويشهد لهذه الحكاية حديث عباس بن مرداس الذي خرجه أحمد وابن ماجه في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته عشية عرفة ثم بالمزدلفة فأجيب فضحك صلى الله عليه وسلم وقال: "إن إبليس حين علم أن الله قد غفر لأمتي واستجاب دعائي أهوى يحثي التراب على رأسه ويدعو بالويل والثبور فضحكت من الخبيث من جزعه" ويروى عن علي بن موفق أنه وقف بعرفة في بعض حجاته فرأى كثرة الناس فقال: اللهم إن كنت لم تتقبل منهم أحدا فقد وهبته حجي فرأى رب العزة في منامه وقال له: يا ابن الموفق أتسخى علي قد غفرت لأهل الموقف ولأمثالهم وشفعت كل واحد منهم