من البحرين:"أبشروا وأملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم ما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم" وكان آخر خطبة خطبها على المنبر حذر فيها من زهرة الدنيا ففي الصحيحين عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: "إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها فتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم" قال قال عقبة: فكان آخر ما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا افتتحت عليكم خزائن فارس والروم أي قوم أنتم"؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: نقول كما أمرنا الله عز وجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو غير ذلك تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون" وفي المسند عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تفتح الدنيا على أحد إلا ألقى الله بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة" قال عمرو: أنا أشفق من ذلك وفيه أيضا عن أبي ذر: أن أعرابيا قال: يا رسول الله أكلتنا الضبع يعني السنة والجدب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "غير ذلك أخوف مني عليكم حين تصب عليكم الدنيا صبا فليت أمتي لا يلبسون الذهب" وفي رواية الديباج وفيه أيضا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أخشى عليكم الفقر ولكني أخشى عليكم التكاثر" ويروى من حديث عوف بن مالك وأبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الفقر تخافون والذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إن أزاغه إلا هي" وفي رواية عوف: "فإن الله فاتح عليكم فارس والروم" وفي المعنى أحاديث أخر.
وفي الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال:"لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال" فقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري: "إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض" ثم فسره بزهرة الدنيا ومراده: ما يفتح على أمته منها من ملك فارس والروم وغيرهم من الكفار الذين ورثت هذه الأمة ديارهم وأموالهم وأراضيهم التي تخرج منها زروعهم وثمارهم وأنهارهم ومعادنهم وغير ذلك مما يخرج من بركات الأرض وهذا من أعظم المعجزات وهو إخباره بظهور أمته على كنوز فارس والروم وأموالهم وديارهم ووقع على ما أخبر به ولكنه لما سمى ذلك ببركات الأرض وأخبر أنه أخوف ما يخافه عليهم أشكل ذلك على بعض من سمعه حيث سماه بركة ثم خاف منه أشد الخوف فإن البركة إنما هي خير ورحمة.