والصيف فوالله ما زال المؤمنون يتفكرون فيما خلق لهم ربهم حتى أيقنت قلوبهم وحتى كأنما عبدوا الله عن رؤيته ما رأى العارفون شيئا من الدنيا إلا تذكروا به ما وعد الله به من جنسه في الآخرة من كل خير وعافية.
قلوب العارفين لها عيون ... ترى ما لا يراه الناظرونا
وأما الأزمان فشدة الحر والبرد يذكر بما في جهنم من الحر والزمهرير وقد دل هذا الحديث الصحيح على: أن ذلك من تنفس النار في ذلك الوقت قال الحسن: كل برد أهلك شيئا فهو من نفس جهنم وكل حر أهلك شيئا فهو من نفس جهنم وفي الحديث الصحيح أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم".
وفي حديث مرفوع خرجه عثمان الدارمي وغيره:"إذا كان يوم شديد الحر فقال العبد: لا إله إلا الله ما أشد حر هذا اليوم اللهم أجرني من حر جهنم قال الله لجهنم: إن عبدا من عبادي قد استجار بي منك وقد أجرته وإذا كان يوم شديد البرد فقال العبد: لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم اللهم أجرني من زمهرير جهنم قال الله لجهنم: إن عبدا من عبادي قد استجار بي من زمهريرك وإني أشهدك أني قد أجرته قالوا وما زمهرير جهنم قال: بيت يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة برده".
أبواب النار مغلقة وتفتح أحيانا فتفتح أبوابها كلها عند الظهيرة ولذلك يشتد الحر حينئذ فيكون في ذلك تذكرة بنار جهنم.
وأما الأجسام المشاهدة في الدنيا المذكرة بالنار فكثيرة منها الشمس عند اشتداد حرها وقد روي أنها خلقت من النار وتعود إليها وخرج الطبراني بإسناده أن رجلا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم نزع ثيابه ثم تمرغ في الرمضاء وهو يقول لنفسه:"ذوقي، نار جهنم أشد حرا جيفة بالليل يطال بالنهار فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله غلبتني نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد فتحت لك أبواب السماء وباهى الله بك الملائكة" وأما البروز للشمس تعبدا بذلك فغير مشروع فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي اسرائيل لما رآه قائما في الشمس: فأمره أن يجلس ويستظل وكان نذر أن يقوم في الشمس مع الصوم فأمره أن يتم صومه فقط وإنما يشرع البروز للشمس للمحرم كما قال ابن عمر رضي الله عنهما لمحرم رآه قد استظل: اضح لمن أحرمت له أي ابرز إلى الضحاء وهو حر الشمس كان بعضهم إذا أحرم لم يستظل فقيل له لو أخذت بالرخصة فأنشد: