الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ثم يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها" وفي الحديث الذي خرجه أهل السنن: "إن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة سبعين عاما ثم يحضره الموت فيجور في وصيته فيدخل النار".
ما أصعب الإنتقال من البصر إلى العمى وأصعب منه الضلالة بعد الهدى والمعصية بعد التقى كم من وجوه خاشعة وقع على قصص أعمالها {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ، تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً}[الغاشية: ٣, ٤] كم من شارف مركبه ساحل النجاة فلما هم أن يرقى لعب به موج الهوى فغرق الخلق كلهم تحت هذا الخطر قلوب العباد بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء قال بعضهم: ما العجب ممن هلك كيف هلك إنما العجب ممن نجا كيف نجا.
يا قلبي إلام تطالبني ... بلقا الأحباب وقد رحلوا
أرسلتك في طلبي لهم ... لتعود فضعت وما حصلوا
ما أحسن ما علقت بهم ... آمالك منهم لو قد فعلوا
سلم واصبر واخضع لهم ... كم قبلك مثلك قد قتلوا
وقسم يفني عمره في الغفلة والبطالة ثم يوفق لعمل صالح فيموت عليه وهذه حالة من عمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها.
الأعمال بالخواتيم: "إذا أراد الله بعبد غسله" قالوا: وما غسله"؟ قال:" يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه" وهؤلاء: منهم: من يوقظ قبل موته بمدة يتمكن فيها من التزود بعمل صالح يختم به عمره ومنهم: من يوقظ عند حضور الموت فيوفق لتوبة نصوح يموت عليها قالت عائشة رضي الله عنها: إذا أراد الله بعبد خيرا قيض له ملكا قبل موته بعام فيسدده وييسره حتى يموت وهو خير ما كان ويقول الناس: مات فلان خير ما كان وخرجه البزار عنها مرفوعا: "إذا أراد الله بعبد خيرا بعث إليه ملكا من عامه الذي يموت فيه فيسدده وييسره فإذا كان عند موته أتاه ملك الموت فقعد عند رأسه فقال: أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فذلك حين يحب لقاء الله ويحب الله لقاءه وإذا أراد الله بعبد شرا بعث إليه شيطانا من عامه الذي يموت فيه فأغواه فإذا كان عند موته أتاه ملك الموت فقعد عند رأسه فقال: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب فتتفرق في جسده فذلك حين يبغض لقاء الله ويبغض الله لقاءه".