للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحنى على جنات عدن فإنها ... منازلك الأولى وفيها المخيم

ولكننا سبى العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا ونسلم

لما التقى آدم وموسى عليهما السلام عاتب موسى آدم على إخراجه نفسه وذريته من الجنة فاحتج آدم بالقدر السابق والإحتجاج بالقدر على المصائب حسن كما قال صلى الله عليه وسلم: "إن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل".

والله لولا سابق الأقدار ... لم تبعد قط داركم عن داري

من قبل النأي جزية المقدار ... هل يمحو العبد ما قضاه الباري

لما ظهرت فضائل آدم عليه السلام على الخلائق بسجود الملائكة له وبتعليمه أسماء كل شيء وإخباره الملائكة بها وهم يستمعون له كاستماع المتعلم من معلمه حتى أقروا بالعجز عن علمه وأقروا له بالفضل وأسكن هو وزوجته الجنة ظهر الحسد من إبليس وسعى في الأذى ـ وما زالت الفضائل إذا ظهرت تحسد:

لا مات حسادك بل خلدوا ... حتى يروا منك الذي يكمد

لا زلت محسودا على نعمة ... فإنما الكامل من يحسد

فما زال يحتال على آدم حتى تسبب في إخراجه من الجنة وما فهم الأبله أن آدم إذا خرج منها كملت فضائله ثم عاد إلى الجنة على أكمل من حاله الأول إنما أهلك إبليس العجب بنفسه ولذلك قال {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [الأعراف: ١٢] وإنما كملت فضائل آدم باعترافه على نفسه: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف: ٢٣] كان إبليس كلما أوقد نار الحسد لآدم فاح بها ريح طيب آدم واحترق إبليس:

وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود

لولا اشتعال النار فيما جاورت ... ما كان يعرف طيب عرف العود

قال بعض السلف: آدم أخرج من الجنة بذنب واحد وأنتم تعلمون الذنوب وتكثرون منها وتريدون أن تدخلوا بها بها الجنة كما قيل:

تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجى ... درج الجنان بها وفوز العابد

ونسيت أن الله أخرج آدما ... منها إلى الدنيا بذنب واحد

<<  <   >  >>