فلا كان ما يلهي عن الله أنه ... يضر ويؤذى إنه لمشؤم
فالشؤم في الحقيقة هو معصية الله واليمن هو طاعة الله وتقواه كما قيل:
إن رأيا دعا إلى طاعة الله ... لرأى مبارك ميمون
والعدوى التي تهلك من قاربها هي المعاصي فمن قاربها وخالطها وأصر عليها هلك وكذلك مخالطة أهل المعاصي ومن يحسن المعصية ويزينها ويدعو إليها من شياطين الإنس وهم أضر من شياطين الجن قال بعض السلف: شيطان الجن نستعيذ بالله منه فينصرف وشيطان الإنس لا يبرح حتى يوقعك في المعصية وفي الحديث: "يحشر المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" وفي حديث آخر: "لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي" ومما يروى لعلي رضي الله عنه:
فلا تصحب أخا الجهـ ... ـل وإياك وإياه
فكم من جاهل أردى ... حكيما حين آخاه
يقاس المرء بالمرء ... إذا ما المرء ماشاه
وللشيء على الشيء ... مقاييس وأشباه
ولقلب على القلب ... دليل حين يلقاه
فالعاصي مشؤم على نفسه وعلى غيره فإنه لا يؤمن أن ينزل عليه عذاب فيعم الناس خصوصا من لم ينكر عليه عمله فالبعد عنه متعين فإذا كثر الخبث هلك الناس عموما وكذلك أماكن المعاصي وعقوباتها يتعين البعد عنها والهرب منها خشية نزول العذاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه لما مر على ديار ثمود بالحجر:"لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين خشية أن يصيبكم ما أصابهم" ولما تاب الذي قتل مائة نفس من بني إسرائيل وسأل العالم: هل له من توبة؟ قال له: نعم فأمره أن ينتقل من قرية السوء إلى القرية الصالحة فأدركه الموت بينهما فاختصم فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأوحى الله إليهم أن قيسوا بينهما فإلى أيهما كان أقرب فألحقوه بها فوجدوه إلى القرية الصالحة أقرب برمية حجر فغفر له.
هجران أماكن المعاصي وأخواتها من جملة الهجرة المأمور بها فإن المهاجر من هجر ما نهى الله عنه قال إبراهيم بن أدهم: من أراد التوبة فليخرج من المظالم وليدع مخالطة من كان يخالطه وإلا لم ينل ما يريد.
احذروا الذنوب فإنها مشؤمة عواقبها ذميمة وعقوباتها أليمة والقلوب.