للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[٥٧] ومن ذلك أشراط الساعة مثل: خروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم -عليه السلام- فيقتله. وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وأشباه ذلك مما صح به النقل٦٢.


= السلام رسالة ابتلاء واختبار وأمره أن يقول له: "أجب ربك" أمر اختبار وابتلاء، لا أمراً يريد الله جلا وعلا إمضاءه كما أمر خليله -صلى الله على نبينا وعليه- بذبح ابنه أمر اختبار وابتلاء دون الأمر الذي أراد الله جلا وعلا إمضاءه، فلما عزم على ذبح ابنه وتله للجبين، فداه بالذبح العظيم. وقد بعث الله جلا وعلا الملائكة إلى رسله في صور لا يعرفونها كدخول الملائكة على إبراهيم، ولم يعرفهم حتى أوجس منهم خيفة، وكمجيء جبريل إلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- وسؤاله إياه عن الإيمان والإسلام والإحسان فلم يعرفه المصطفى -صلى الله عليه وسلم- حتى ولى. فكان مجيء ملك الموت إلى موسى -عليه السلام- على غير الصورة التي كان يعرفه موسى -عليه السلام- عليها، وكان موسى غيورًا فرأى في داره رجلاً لم يعرفه، فشال يده فلطمه، فأتت لطمته على فقء عينه التي في الصورة التي يتصور بها لا الصورة التي خلقه الله عليها ولما كان المصرح عن نبينا -صلى الله عليه وسلم- في خبر ابن عباس حيث قال: "أمَّني جبريل عند البيت مرتين" فذكر الخبر وقال في آخره: "هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك" كان في هذا الخبر البيان الواضح أن بعض شرائعنا قد يتفق مع بعض شرائع من قبلنا من الأمم. ولما كان من شريعتنا أن من فقأ عين الداخل داره بغير إذنه، أو الناظر في بيته بغير أمره من غير جناح على فاعله ولا حرج على مرتكبه؛ للأخبار الجمّة الواردة فيه التي أمليناها في غير موضع من كتبنا كان جائزًا اتفاق هذه الشريعة: شريعة موسى، بإسقاط الحرج عمن فقأ عين الداخل داره بغير إذنه، فكان استعمال موسى هذا الفعل مباحًا له ولا حرج عليه في فعله، فلما رجع ملك الموت إلى ربه وأخبره بما كان من موسى فيه، أمره ثانيا بأمر آخر أمر اختبار وابتلاء -كما ذكرنا من قبل- إذ قال الله له: قل له: إن شئت فضع يدك على متن ثور، فلك بكل ما غطت يدك بكل شعرة سنة، فلما علم موسى كليم الله -صلى الله على نبينا وعليه- أنه ملك الموت وأنه جاءه بالرسالة من عند الله طابت نفسه بالموت ولم يستمهل وقال: فالآن. فلو كانت المرة الأولى عرفه موسى أنه ملك الموت ما استعمل ما استعمل في المرة الأخرى عند تيقنه وعلمه به ضد قول من زعم أن أصحاب الحديث حمالة الحطب ورعاة الليل يجمعون مالا ينتفعون به ويروون ما لا يؤجرون عليه، ويقولون بما يبطله الإسلام جهلاً منهم بمعاني الأخبار وترك التفقه والآثار، معتمدًا في ذلك على رأيه المنكوس وقياسه المعكوس. أ. هـ.
٦٢ راجع في ذلك: النهاية لابن كثير، و"الإذاعة" لصديق حسن خان.

<<  <   >  >>