للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يدخل النار وهم العصاة، ويمكثون فيها على قدر ذنوبهم، ثم يخرجون منها؛ لأجل ما في قلوبهم من التوحيد والإيمان، وهم في ذلك متفاوتون كما في الحديث الصحيح من قول النبي صلى الله عليه وسلم "أخرجوا من النار من قال: "لا إله إلا الله" وفي قلبه من الخير ما يزن برة" -وفي لفظ: "شعيرة"، وفي لفظ: "ذرة"، وفي لفظ: حبة خردل - من إيمان" ١

ومن تأمل النصوص تبين له أن الناس يتفاضلون في التوحيد والإيمان تفاضلا عظيما، وذلك بحسب ما في قلوبهم من الإيمان بالله، والمعرفة الصادقة والإخلاص واليقين. والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

فصل في دار الكفر ودار الإيمان

وأما السؤال الثاني وهو قولكم: من لم تشمله دائرة إمامتكم، ويتسم بسمة دولتكم، هل داره دار كفر وحرب على العموم.. الخ؟

فنقول وبالله التوفيق: الذي نعتقده وندين الله به أن من دان بالإسلام، وأطاع ربه فيما أمر، وانتهى عما عنه نهى وزجر، فهو المسلم حرام المال والدم، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة، ولم نكفر أحدا دان بالإسلام؛ لكونه لم يدخل في دائرتنا، ولم يتسم بسمة دولتنا، بل لا نكفر إلا من كفر الله ورسوله، ومن زعم أنا نكفر الناس بالعموم، أو نوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه ببلده، فقد كذب وافترى.

وأما من بلغته دعوتنا إلى توحيد الله، والعمل بفرائض الله، وأبى أن يدخل في ذلك، وأقام على الشرك بالله، وترك فرائض الإسلام، فهذا نكفره، ونقاتله، ونشن عليه الغارة.

وكل من قاتلناه فقد بلغته دعوتنا، بل الذي نتحققه ونعتقده أن أهل اليمن وتهامة والحرمين والشام والعراق قد بلغتهم دعوتنا، وتحققوا أنا نأمر بإخلاص الدين والعبادة لله، وننكر ما عليه أكثر الناس من الإشراك بالله من دعاء غير الله،


١ البخاري: الإيمان "٤٤" , ومسلم: الإيمان "١٩٣" , والترمذي: صفة جهنم "٢٥٩٣" , وابن ماجه: الزهد "٤٣١٢" , وأحمد "٣/١١٦ ,٣/١٧٣ ,٣/٢٤٧ ,٣/٢٧٦".

<<  <   >  >>