للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما رحمتك في السماء، اجعل رحمتك في الأرض، واغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك على هذا الوجع. فيبرأ" ١ أخرجه أبو داود.

وهكذا حال من يسأل: أين الله؟ يبادر بفطرته، ويقول: في السماء. ففي الخبر مسألتان:

"أحدهما": قول السائل: أين الله؟

"وثانيها": قول المسئول: في السماء. فمن أنكر هاتين المسألتين، فإنما ينكر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه قالهما، وأقرهما من غيره، والعياذ بالله من الإعراض عما وصف الله به نفسه، ووصفه به رسوله.

ولم تخبر الرسل بما تستحيله العقول، بل أخبارهم قسمان:

"أحدهما": ما يشهد به العقل والنظر.

"والثاني": ما لا تدركه العقول بمجردها كالغيوب التي أخبروا بها عن تفاصيل البرزخ، واليوم الآخر، وتفاصيل العقاب والثواب، ولا يكون خبرهم محالا في العقول أصلا.

وكل خبر تظن أن العقل يحيله فلا يخلو من أحد أمرين: إما لعدم صحة في النقل أو لفساد في العقل، والعقل الصحيح لا يخالف النص الصريح.

قول الإمام مالك في الاستواء

واختلف السلف في الاستواء، فقال قوم: "استوى بمعنىاستقرَّ"، ومنهم ابن عباس -رضي الله عنهما- كما رواه البيهقي في الأسماء والصفات، وهو استقرار يليق بذاته.

وقال آخرون -منهم سفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك، وغيرهم من علماء السلف-: "إقرارها وإمرارها كما جاءت بلا كيف". وقال البغوي:" أهل السنة يقولون: الاستواء على العرش صفة الله بلا كيف، يجب على الإنسان الإيمان به، ويكل العلم به إلى الله -عز وجل-".

وروى البيهقي بسنده عن عبد الله بن وهب قال: كنا عند مالك بن أنس، فدخل رجل، فقال: يا أبا عبد الله: {الرحمن عفلى العرش استوى} ٢ كيف استوى؟ قال:


١ أبو داود: الطب "٣٨٩٢".
٢ سورة طه آية: ٥.

<<  <   >  >>