للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكان هذا شأن السلف الصالح من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم، فقد روي أن رجلا من قريش كسر سن رجل من الأنصار فاستعدى عليه معاوية فقال القرشي: إن هذا دق سني. قال معاوية: كلا إنا سنرضيه. قال فلما ألح عليه الأنصاري قال معاوية شأنك بصاحبك، وأبو الدرداء جالس فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم يصاب بشيء في جسده فيتصدق به إلا رفعه الله به درجة وحط عنه بها خطيئة قال فقال الأنصاري: أأنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ . قال: نعم سمعته أذناي ووعاه قلبي يعني فعفا عنه (١) .

- من سماحة الإسلام ويسره أنه اشترط في جواز تطبيق القصاص اتفاق أولياء الدم جميعا على هذا القصاص، فإذا وُجد من بينهم من عفا عن القاتل وإن كانت امرأة فإن الحكم يسقط، ويمنع القصاص.

وكذلك إذا كان من بين أولياء الدم من لم يبلغ سن التمييز أو كان غائبًا، فإنه ينتظر بلوغه أو عودته من غيبته لأخذ رأيه، فإن عفا عن الجاني فإن الحكم يسقط، وقد يأخذ ذلك سنينًا وأعوامًا، وفي ذلك حكمة ربما ينسى هؤلاء الأولياء حنقهم على دمهم وتتخفف الوطأة عليهم، فيكون العفو حينها أقرب إلى القصاص.


(١) مسند أحمد، رقم٢٨٠٨٤، ص٢٠٥٥. ورواه الترمذي في جامعه بهذا المعنى برقم ١٣٩٣، ص٣٣٧-٣٣٨. وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

<<  <   >  >>