للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قوله: فقد أخفر ذمة الله بالخاء والفاء والراء أي: نقض عهده وغدر، والحديثان اشتملا على تشديد الوعيد على قاتل المعاهد، لدلالتهما على تخليده في النار وعدم خروجه منها، وتحريم الجنة عليه، مع أنه قد وقع الخلاف بين أهل العلم في قاتل المسلم هل يخلد فيها أم يخرج عنها؟ " (١) .

وقد أجمع العلماء قاطبة على تحريم الغدر، ووردت نصوص كثيرة في الكتاب والسنة تنهى عن الغدر، وتتوعد فاعله بالخزي والعذاب الأليم. (٢)

وإذا كان هذا الوعيد الشديد في قتل آحاد المعاهدين والذميين والمستأمنين، فكيف بنسف بيوتهم وعماراتهم، وهدمها على رؤوسهم، وقتل من فيها من النساء والصبيان؟ مع أن قتل هؤلاء من الكفار المحاربين حرام لا يجوز بإجماع العلماء إلا لضرورة. (٣) فكيف بنساء المعصومين من الذميين والمعاهدين والمستأمنين وأطفالهم؟ وهل هذا إلا محادة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وغدر في العهود، ونقض للعقود، وارتكاب لجريمة من أكبر الجرائم، ومظلمة من أعظم المظالم؟! مع ما فيها من تشويه صورة الإسلام والمسلمين، والصد عن سبيل الله القويم، وتنفير الناس من الدخول في دينه الذي أنزله رحمة للعالمين.


(١) نيل الأوطار ٧ / ١٥٥ ١٥٦.
(٢) انظر: التمهيد لابن عبد البر ٢٤ / ٢٣٣٢٣٤.
(٣) والأحاديث والآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه، الدالة على تحريم قتل النساء والصبيان ممن لا مشاركة لهم في القتال كثيرة جدًا، وقد ذكر جملة منها ابن عبد البر في «التمهيد» ١٦ / ١٣٥١٤٢، وحكى إجماع العلماء على ذلك، وكذلك ابن كثير في تفسيره: ١ / ٢٢٧، والشوكاني في نيل الأوطار: ٨ / ٧١٧٣.

<<  <   >  >>