وقد انتصر السلاح التقني الجديد على السلاح القديم، ولكن التاريخ الذي وجده الاستعمار الاستيطاني سواء في الجزائر أو في فلسطين لم يستكن، فظل الجزائريون والفلسطينيون يواصلون كفاحهم ونضالهم ولست أدري هل بلا معني أن يكون الزواوة وسائر البربر عرب كنعانيون من فلسطين!!
لكن الذي أدريه أن تاريخ الجزائريين الذي أراد الاستعماريون الفرنسيون شطبه وتزييفه وتزويره وتجاهله، ظل صافيا وانتصر عام ١٩٦٢.
لقد بات واضحا لدى كل من يكتب تاريخ الاستعمار هذه الظاهرة التي لطخت جبين الإنسانية أن الأمة العربية من الجزائر إلى فلسطين مرورا بالصومال وجزر القمر وأريتريا ومصر حتى الإسكندرون هي أكثر أمة قاومت الاستعمار، حتى طردته، وها هي تقاوم جيوبه وذيوله وأتباعه .. وكل هذا بفضل التاريخ، الذي تحول على يد ابن خلدون إلى علم وبين في مقدمته فضل هذا العلم كما يشير أبو يعلى نفسه، لكن أبو يعلى يرد على أدعياء "الفهامة" الذين كانوا يساعدون المستعمر في شطب التاريخ الجزائري وشطب اهتمام الجزائريين بالتاريخ فها هو يقول:
(وعلى هذا فالذي حدث لنا والذي نجتهد فيه رد أقوال جمهور من أهل وطننا هذا ممن يظن أنهم من أهل المعرفة فقهاء وطلبة العلم بأن علم التاريخ غير مطلوب وأنه قصص وأساطير الأولين كما قد أشرنا في الخطبة أو أنه سهل ليس بفن يدرس إلى غير ذلك مما قالوا. ولقد قالوا مثل ما قال الأولون ما ذكر في القرآن وكفى هذا ردا عليهم. ولكن لابد من زيادة بيان للاقتناع والارتداع فنقول: المرأة تلد الرجل طفلا والتاريخ يجعله رجلا ..) ص ٥.