إنها لعبارة جد لوذعية أن يقرن أبو يعلى التاريخ بالرجولة .. لقد اختصر في عبارته الكثير من مفهوم الزمن ومفهوم الأخلاق ومفهوم النمو الفزيولوجي والحضاري ويربط أبو يعلى زوايا فهمه لعلم التاريخ ربطا محكما إذ يقول ببراعة الخبير ودقته:
(إن علم التاريخ يزيد في العقل والإيمان ويزيد في العلم والعمل ويورث الشهامة والشجاعة إذ تثير قضاياه ثائرة الحماس في الغيورين ويحرك ما سكن في الخاملين) ص ٨.
وإذا كانت اللغة عند بعض الفرنسين هي الجنسية كما يقول عضو الأكاديمية الفرنسية "جلبير كونت" في لوموند ١٥ - ٠٧ - ١٩٧٨ (إن اللغة هي الجنسية نفسها، هي الوطن حيا ومنغما في ذات كل واحد منا) فإن التاريخ، تاريخ أي شعب، هو حضارة ذلك الشعب. وقد ربط أبو يعلى بين اللغة والتاريخ ربطا ناجحا إذ قال:(وقد اعتبره المتأخرون حياة الأمم أو موتها مثل اللغة يقولون لا حياة لأمة مات لسانها وكذلك لا حياة لأمة مات تاريخها) ص ٩.
ومن هنا نفهم بوضوح لماذا حارب الاستعماريون التاريخ واللغة العربية والدين بين الجزائريين وخصوصا بين الزواوة منهم الذين كتبوا تاريخهم بالعربية دون أية لغة عرفوها ومرت بهم عبر القرون.
والملفت للنظر أن الزواوة والبربر عموما الذين سعى ويسعى الاستعماريون وأذنابهم لطمس تاريخهم، أن الكتاب الذي حول التاريخ إلى علم هو الكتاب الذي يظهر تاريخهم وهو أول كتاب تاريخ لهم أوليس اسم كتاب ابن خلدون