إن موقع الإنتاج الثقافي الحضاري "الزوايا" في بلاد المغرب والمشرق كان دائما مستهدفا من الأجنبي سواء كان مملوكيا أو تركيا أو أوروبيا ومر بنفس المعاناة تقريبا، ونفس النظام حيث الطالب فيه يمكنه أن يظل "طالبا" طوال عمره والشعب يكفيه مؤونته، وهو مطالب في كل الأحوال بالإنتاج العلمي سواء كان شفويا أو خطيا .. وهذا التفرغ للعلم لم تعرفه أوروبا وعرفته زوايانا في المغرب والمشرق وقد شجع ابن جبير في كتابه المعروف "رحلة ابن جبير" طلبة العلم من أهل المغرب على طلب العلم في زوايا المشرق ويخص منها تلك التي في دمشق حيث يشير أنها تكفي طالب العلم مؤونته إذ يقول في ص ٢٥٨ طبعة الجزائر (فمن شاء الفلاح من نشأة مغربنا فليرحل إلى هذه البلاد ويتغرب في طلب العلم فيجد الأمور المعينات كثيرة، فأولها فراغ البال من أمر المعيشة وهو أكبر الأعوان وأهمها) ومن المعروف أن ابن جبير ولد عام ١١٤٥م في الأندلس وتوفي بالإسكندرية عام ١٢١٧م.
وهكذا فإن نظام الزوايا الموحد مشرقا ومغربا نظام حضاري عربي إسلامي موجود في تيزي وزو قبل أن توجد باريس نفسها!! ومع ذلك يقولون عنا أننا بربر ويقصدون أننا همج، فورب جرجرة لم تعرف البشرية همجية أكثر من همجية المستوطنين والمستعمرين الذين هدموا هذه الزوايا سواء في المشرق أو في المغرب وصرفوها عن رسالتها العلمية.
ويمكن القول أن الباحث الجزائري خصوصا والعربي عموما مقصر في مسألة البحث في دور الزوايا والكتاتيب، العلمي والديني والسياسي والاجتماعي وهو تقصير له بعض الأسباب العلمية والعملية، مثل عدم توافر بعض شروط