للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فأكذبهم الله في قولهم هذا بقوله: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.

فشأن العرب في هذا الحج شأن الأمم السابقة، فإن التاريخ يحكي لنا أن الأمم المتقدمة في التاريخ القديم، كأمة اليونان كانت تحج إلى هياكل مقدسة عندها، وكان اليهود يحجون إلى الموضع الذي فيه تابوت العهد القديم، وكان المسيحيون يحجون إلى بيت المقدس والى بيت لحم مقر ولادة المسيح عليه السلام - ولا زالوا إلى يومنا هذا - ويسمون هذا حجا، ومثلهم الصينيون واليابانيون وغيرهم من الأمم، قال الله تعالى مشيرا إلى هذا: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} (١) وفسر النسك بمكان الذبح وبالشريعة.

فكان للأمم الموغلة في القدم أماكن يعظمونها ويحجون إليها، ويجتمعون فيها لعبادة معبوداتهم، ويذبحون عندها الذبائح والقرابين، ويرون أن هذا الحج إليها يقربهم منها ويرضيها عنهم، وبهذا تدفع عنهم المصائب وتعينهم على قضاء مصالحهم الدنيوية، وبقطع النظر عن فساد هذا الاعتقاد، فإنه لا زال سائدا لدى بعض الشعوب الوثنية إلى وقتنا هذا، كما هو معروف وجار لدى الأمة الهندوكية وغيرها.


(١) الآية ٦٧ من سورة الحج.

<<  <   >  >>