والفطرة - بالكسر - الخلقة، والفطرة أيضا ما فطر الله عليه الخلق من معرفته والاهتداء بها إلى أنه خالقهم ولا خالق لهم سواه، وفطر الله الشيء بمعنى: أنشأه وابتدأه وابتدعه، ومن هذا قوله تعالى:{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} وفي الحديث المتقدم (ما من مولود إلا يولد على الفطرة).
ومن ورود الفطرة المأخوذة من فطر بمعنى شق قوله تعالى:{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} بمعنى انشقت، وقو له:{فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} أي شقوق، وفي حديث قيام الليل (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه) أي انشقت قدماه، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول: كنت لا أدري ما فاطر السماوات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما لصاحبه: أنا فطرتها، أي بدأتها وابتدعتها.
فالفطرة من معانيها الخلقة، كقوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. أي خالقهما ومبدعهما، ومنها فطرة الله التي فطر الناس عليها، وهذا ما ذكره الله في شأن خليله إبراهيم عليه السلام حين اهتدى بفطرته - من صغره - إلى أن ما عليه قومه من عبادة غير الله أمر باطل وعمل خارج عن أصل الخلقة ذلك قوله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ}(١).