ومثل ما ورد في القرآن ما جاء في السنة النبوية من أحوال من يأمر بالمعروف ولا يأتمر هو، فلا يطبق على نفسه ما يدعو الناس إليه، وما أكثر هذا الصنف في الدعاة في وقتنا هذا، بل وما أخطره على الإسلام ودعوته، من حيث أنهم يصدون الناس عن الاهتداء بهدى الله، يصدونهم عن هذا بتصرفاتهم المخالفة لروح الشريعة التي نصبوا أنفسهم دعاة لها يصدونهم ويبعدونهم عن ساحة الإسلام الطاهرة والنقية من أمثال هؤلاء الدعاة الأدعياء في الإسلام، خصوصا إذا لم يكن الواحد منهم متمكنا من معرفة الشريعة، فإن عامة المسلمين - غير العالمين - ينظرون إلى الشخص الماثل أمامهم رافعا صوته بالدعوة إلى الدين، ويرون كذلك أنه العالم بالدين العامل به والمطبق لأحكامه، وما بدر منه هو الحق وهو الإسلام، ويجب الاقتداء به، وقد لفت الإسلام النظر إلى أعمال هذا الصنف من الناس، كأنه يقول لا تغتروا بالمظاهر وبما يظهر لكم من تصرفات وأعمال هؤلاء الآمرين بالمعروف، حتى تزنوا أعمالهم وتقابلوها بأقوالهم، وفى مثل هؤلاء ورد الحديث عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الشيخان عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار في الرحى، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى!! قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه".