للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فى هذا الحديث يحس المسلم ويشعر من خلاله بالرحمة والشفقة تتجلى للعيان من خلال كلماته، كما يدرك طريقة التشريع الإسلامي في التدرج بالمسلم من درجة إلى أخرى حتى تطمئن نفسه إلى فرائض الإسلام، فمن توحيد الله تعالى والاقرار بوحدانيته إلى الاعتراف برسالة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إلى طاعة الله بالصلاة الواجبة عليه، إلى إجابة ربه فيما أمره به من إخراج زكاته، فتؤخذ من الأغنياء لتعود فائدتها على الفقراء لا على خزينة الدولة التي لها موارد أخرى، ثم يوصي العامل على جمعها بأن يكون رفيقا بالناس الذين يدفعونها، ويحذره من الشطط في ذلك، فلا يأخذ كرائمها وخيارها منه، فإن هذا قد ينفر دافعها ويوغر صدره على الدولة، بل يأخذ من أموال الناس الوسط، وهو ما بين الكبيرة والصغيرة، والسمينة والعجفاء، ثم يحذره مرة ثانية من ظلم الناس، بأن يأخذ فوق الواجب عليهم، ويقول له: "واتق دعوة المظلوم" ذلك أن المظلوم إذا دعا ربه يستنصره عليه - الظالم - فإن الله يستجيب له ويعاقب الظالم على ظلمه، وباب الله ليس عليها حاجب ولا بواب يمنع من وصولها إلى مالك الملوك، كما هو الحال في أبواب الملوك والرؤساء من البشر، وفى هذا التحذير إيماء إلى منع أخذ الرشوة من أرباب المصالح والأموال، وفى قصة عبد الله بن اللتبية ما فيها من الموعظة للولاة، حين قدم بالزكاة التي سيره الرسول صلى الله عليه وسلم لقبضها ممن وجبت عليهم، فلما جاء بها قال: هذا لكم وهذا أهدي الي، (والحال أن له نصيبا وسهما في الزكاة

<<  <   >  >>