للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تبحث عن الدقة ولديها من الفراغ ما تنفقه في التحضير والتروي، تعقد مختارة طريقة التعبير عن صلة الجمل بعضها ببعض وفقا لألوان الفكر المختلفة الدقيقة. ولكن لغة الكلام تميل إلى اتخاذ رمز واحد تاركة لذهن السامع أن يعرف بالحدس نوع الصلة التي يقصدها المتكلم. لذلك قد نرى الحرف الواحد يعني في اللغة الواحدة "لأن" و"مع أن" و"لأجل أن" و"عندما". فالشعب الفرنسي يتجنب في لغة الكلام الصيغ whose" dont" "الإنجليزية" و auquel اسم الموصول بمعنى الذي له" و pour leuel "اسم الموصول بمعنى الذي من أجله" لأنه يراها ثقيلة مقلقة. يقنع في الدلالة على الوصل بالموصول que مع الإشارة في جملة الصلة نفسها إلى نوع الصلة التي يريدها. فبدلا من أن يقول "l'homme dont je connais la fille" أو "le patron pour lequel je travaille" أو Le pauvre a que je fais l'aumone" يفضل أن يقول: "l 'homme que je connais sa fille" "الرجل الذي أعرف ابنته" و" le patron que je travaille pour lui" "المالك الذي اشتغل له أو من أجله" و"le pauvre que je lui fais l'aumone" "المسكين الذي أقدم إليه الإحسان". هذه التراكيب وهي راسخة القدم في الفرنسية المتكلمة اليوم كانت مستعملة في اللغات الكلتية في العصور الوسطى١ وهي تبين جيدا استقلال لغة الكلام عن لغة الكتابة.

تتميز لغة الكلام بأنها تقتصر على الاهتمام بإبراز رؤوس الفكرة، فهي وحدها التي تطفو وتسود الجملة، أما الروابط المنطقية التي تربط الكلمات بعضها ببعض وأجزاء الجملة بعضها ببعض فإما ألا يدل عليها إلا دلالة جزئية بالاستعانة بالتنغيم والإشارة إذا اقتضى الحال، وإما ألا يدل عليها مطلقا ويترك للذهن عناء استنتاجها. هذه اللغة المتكلمة تقترب من اللغة التلقائية: ويطلق هذا الاسم على اللغة التي تنفجر تلقائيا من النفس تحت تأثير انفعال شديد. ففي هذه الحالة يضع


١ وتقابلها كذلك في الألمانية في الأقاليم المجاورة لإقليم لافه lave انظر بها حل Behaghel رقم ١٤٤، ص٣٠.

<<  <   >  >>