للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الجزء الخامس: الكتابة]

[الفصل الأول: أصل الكتابة وتطورها]

...

تعبر على نحو ما عن الأفكار العامة والطبقات الاجتماعية والطبيعية والكليات العقلية, فعلى هذا النحو تتكون الحروف الصينية من عنصرين: الأولى صورة الفكرة ideogramme التي صارت صورة صوتية phonogramme، وتعبر عن الصوت المقطعي الذي يكون الكلمة، والثاني بمثابة مفتاح المشكلة ويعين معنى الكلمة.

اللغات التي من أجلها اخترعت الكتابة المسمارية والهيروغليفية أول ما اخترعت، كانت لغات تصريفية؛ لذلك لم تنجح فيها إلا بقدر ضئيل تلك الطريقة التي استعملت في تكميل الكتابة الصينية. ومع ذلك فإن المصريين باختراعهم للمميزات، قد أوجدوا ما يعادل الأقسام عند الصينيين, فالصورة الهيروغليفية التي تقرأ ankh تدل إما على "الحياة"، وإما على "الأذن" فإذا ما أريد بها أن تدل على هذا المعنى الأخير بالذات صحبت بصورة الأذن التي تؤدي وظيفة المميز, ومن ثم نعثر في الكتابة المصرية -حتى بعد أن صارت كتابة صوتية محضة- على بعض المميزات المتفرقة التي أبقت التقاليد على استعمالها أما الكتابة المسمارية فلم تخل يوما -حتى في أوج انتشارها- من بعض حالات اللبس, ولتسهيلها من الوجهة العملية اضطر أهلها إلى جعلها مقطعية، وعلى هذه الصورة نراها تستعمل في تسجيل إحدى اللغات الهندية الأوربية، وهي الفارسية القديمة وذلك في نقوش دارا. ولكنها على وجه العموم كانت أقصر الكتابات التصويرية عمرا، وسمارية الأشمينين كانت آخر مثال منها, إذا لم تلبث أن استعيض عنها في كل مكان بكتابات صوتية، ولا سيما بالكتابة الآرامية المشتقة من الأبجدية الفينيقية.

أما الأبجدية الفينيقية -نحو ما نراها على شاهد ميسا Mesa القبري "وهو اليوم في متحف اللوفر" ذلك الشاهد الذي يرجع إلى ما قبل المسيح بتسعمائة سنة فإن البعض يعدها صورة مشوهة من الكتابة الهيروغليفية, ولكن هذا التشويه قد وقع بالتدريج على خطوات عدة, وقد بينا فيما سبق كيف يصل التطور الطبيعي بالصورة الفكرية إلى أن تصير صورة صوتية, وقد استقرت بعض الكتابات كالصينية في منتصف الطريق بين الخطتين بفضل نظام من التراكيب العلمية؛

<<  <   >  >>