للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التأكيد الذي تدل عليه صيغة الفعل من الناحية المعنوية. وتضعيف الفعل في السامية ينحصر في إطالة الساكن، أو في الاستعاضة عن الساكن البسيط بساكن مضعف "انظر ص٤٨". والقيمة الانفعالية فيه واضحة جدا أيضا. ويقصد به الدلالة على الشدة١؛ فمن "خبط" في العربية يؤخذ خبّط "خبط بقوة" ومن كسر "كسّر" أحال إلى شظايا" إلخ. كما يوجد في الأسماء آثار لصيغة جمعية مؤغلة في القوم تقوم صياغتها على التضعيف، وأصلها الانفعالي واضح.

هذه حالات سلك فيها التعبير عن العاطفة مسلكا نحويا حيث نرى المنطق يستعير لغة الانفعال. وعكس ذلك شائع أيضا, فيوجد في كل لغة متكلمة عدد من الكلمات الصغيرة التي لم تبق لها إلا القيمة العاطفية، وحظ المنطق فيها من الضآلة بحيث قد تستعمل أحيانا ضد معناها الحقيقي بل كثيرا ما نجد إلى جانب الكلمات عبارة كاملة من هذا القبيل فيها فعل ومسند إليه ومفعول, جمل صغيرة يستطيع المتكلم، بشيء من التحليل الأولى، أن يتعرف على الكلمات التي تكونها, وهي كل يقدم للذهن انطباعا عاطفيا لا أكثر ولا أقل. ومثل ذلك في الفرنسية عبارة "PAR EXEMPLE" "مثلا" التي يُدل بها على الدهشة و"VOUS SAVEZ" "أنت عارف" التي يشار بها إلى الموافقة, والقيمة التعبيرية لهذه العبارات تزداد قوة بقدر ما تتلاشى فيها القيمة المنطقية, ذلك أن الانتقال من المنطقي إلى الانفعالي يحصل ببلي الأول منهما ففي بادئ الأمر كان الإنسان يرى نفسه أمام فكرة تقال له فتدهشه فيجيب: "AH! PAR EXMPLE" "أه! مثلا؟ " مشيرا بذلك أنه ينتظر من محدثه مثلا توضيحيا. ثم جرت العادة بعد ذلك أن يجيب بقوله: "par example" "مثلا" كلما سمع خبرا غير منتظر لا يستطاع تفسيره بذاته, ولو لم يكن في الإمكان تقديم مثل لتعضيده؛ وأخيرا حل التعجب محل الاستفهام فصار القائل يقول: "par example" كما لو كان يصدر دهشة أو شكا أو تحديا أو غضبا أو رعبا.

لم تقف اللغة عند هذا الحد. إذ إن من طبيعة صيغ اللغة الانفعالية أن تبلى


١ بركلمان Brockelmann رقم ١٤٨. مجلد ١، ص٥٠٨.

<<  <   >  >>