للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صور التكلم المحلية جميعها، ومظهر صور التكلم المحلية التي إليها تتفتت اللغة. هذا بصفة عامة رأي علماء اللغات الرومانية الذي قام بعرضه في صورة فائقة جاستون باريس وبول ميير منذزمن. يقول الأول: "لا يوجد أي حد حقيقي يفصل بين فرنسي الشمالي وفرنسي الجنوب، فصور التكلم الشعبية عندنا تمتد على أرض الوطن من طرف إلى آخر كأنها بساط نضحت ألوانه المتنوعة في كل نقطة منه بعضها على بعض وأصبحت درجات لا يكاد يتميز بعضها من بعض"١.

هذا أيضا هو الرأي الذي تصير إليه "نظرية الأمواج" wellentheorie ليوهان شمت johann schmidt٢. فهو يقرر أن كل ظاهرة لغوية تمتد على سطح القطر امتداد الأمواج، وأن كل موجة في تقدمها التدريجي غير المحسوس ليس لها حد معين. ويستند في نظريته على دراسة اللغات الهندية الأوربية حيث الخطوط التي تفصل بين كل خاصية لغوية وأخرى لا تنطبق على الخطوط التي تفصل بين خاصيتين لغويتين أخريين، وذلك كما هي الحال في اللغات الرومانية: ولكن الأستاذ مييه قد دافع بحق عن اللهجات الهندية الأوربية٢. فأبان أنه يمكننا أن نقوم بتقسيم لهجي، حتى في زمن الهندية الأوربية. وهذا التقسيم يقوم على المبدأ القائل بأن من حقنا أن نتكلم عن وجود لهجات كلما رأينا عددا كبيرا من الخطوط التي تفصل بين الخصائص، ينطبق بعضها عن بعض ولو بشكل تقربي. فهناك لهجة محددة في كل منطقة يلاحظ فيها وجود خصائص مشتركة. وحتى عندما لا يمكن رسم خطوط دقيقة للفصل بين منطقتين متجاورتين فإنه يبقى أن كلا منهما تتميز في مجموعها ببعض السمات العامة التي لا توجد في الأخرى. فالبروفنسالية والفرنسية ليستا في حقيقة الأمر إلا لهجتين من لغة واحدة. وإذا لم يكن في وسعنا أن نرسم على الخريطة خطا محددا يبين أين تنتهي الفرنسية وتبدأ البروفنسالية، فإن كلا من اللهجتين في مجموعها قد اشتملت على خصائص عديدة واضحة إلى حد يجعلنا في مأمن من الخلط بينهما.


١ دوزا: رقم ٦٥، ص٢١٧ وما يليها، مع إشارات بالرجوع إلى شوخارت وأسكولي وجاستون باريس وب ميير. وقارن جاستون باريس: رقم ١٠٦، ص٣٣٤.
٢ رقم ١٩٩؛ وقارن برجمان: رقم ٣١، مجلد١، ص٢٢٦ وما يليها.

<<  <   >  >>