للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تساهم بنصيبها في تماسك الجنسية تضيف إلى كل هذا عنصرا آخر من عناصر التعقيد؛ فالصربية والبلغارية والإغريقية والألبانية والرومانية والتركية والأرمينية والأسبانية التي يتكلمها اليهود، تعيش كلها جنبا إلى جنب. ولكنا لا نشير هنا إلا إلى اللغات التي لا تتكلمها إلا المجاميع الكبيرة بصرف النظر عن اللهجات.

لا بد أن هذه الحالة التي تعتبر استثنائية في أوربا الحديثة كانت قاعدة يسير عليها التاريخ في غالب الأحيان. والنتائج اللغوية التي تنجم عنها كبيرة الخطر لأنه إذا احتكت لغتان إحداهما بالأخرى. أثرت كل منهما على صاحبتها. حتى ذهب بعض علماء اللغة بناء على هذه الحقيقة، إلى أنه لا توجد لغة غير مختلطة ولو إلى حد ما فعلينا إذن أن نناقش الظروف التي يمكن فيها اختلاط اللغات والنتائج اللغوية التي تنجم عن هذا الاحتكاك.

من الخطأ أن نتصور كون المنافسة بين لغتين متماستين تحدث دائما على وتيرة واحدة في كل الحالات، لأن قوة اللغات ليست واحدة، ومن ثم كانت تختلف قدرتها على المقاومة.

لنفرض أننا بصدر لغتين من ذوات المدنية العظيمة كالألمانية والفرنسية. فاللغتان كلتاهما قويتان، تستويان في القوة. وبينهما اختلافات في البنية على جانب من الأهمية. فإذا ما تعرضتا للمنافسة، لم يكن لهذه المنافسة آثار لغوية، وإنما تكاد تنحصر آثارها في الميدان الاقتصادي. والمدرسة هي المكان الذي يهيأ فيها الكفاح بينهما، لذلك نسمع أن الألمانية قد طردت الفرنسية من هذه القرية، أو تلك المدينة من المدن السويسرية أو أن العكس قد حدث في قرية كذا أو كذا١. وليس هنا موضع بحث مزايا اللغتين في ذاتهما فسكان هذه القرى كان في متناول


١ تسمرلي zimmerli؛ Die deutsch-franzosische Sprachgrenze in der Schweiz "الجزء الأول رسالة في جونتجن، ١٨٩١، والجزء الثاني، جنيف وبال ١٨٩٥ و١٨٩٩".

<<  <   >  >>