والاكتفاء بقول من هو أعلم منهم، والنفاق والإدهان فى دين الله فى قالب العقل المعيشى الذى يندرج به العبد بين الناس.
فهو صاحب الأبوين حين أخرجهما من الجنة، وصاحب قابيل حين قتل أخاه، وصاحب قوم نوح حين أغرقوا، وقوم عاد حين أهلكوا بالريح العقيم، وصاحب قوم صالح حين أهلكوا بالصيحة، وصاحب الأمة اللوطية حين خسف بهم وأتبعوا بالرجم بالحجارة، وصاحب فرعون وقومه حين أخذوا الأخذة الرابية، وصاحب عباد العجل حين جرى عليهم ما جرى، وصاحب قريش حين دعوا يوم بدر، وصاحب كل هالك ومفتون.
فصل
وأول كيده ومكره: أنه كاد الأبوين بالأيمان الكاذبة: أنه ناصح لهما، وأنه إنما يريد خلودهما فى الجنة، قال تعالى:{فَوَسْوسَ لَهُمَا الشّيْطَانُ لِيُبْدِىَ لَهُمَا مَا وُورِىَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَانَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هذِهِ الشّجرَةِ إِلا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أوْ تَكُونَا مِنَ الخالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إنِّى لَكُمَا لَمِنَ النّاصِحِينَ فَدَلاهُمَا بِغُرُورٍ}[الأعراف: ٢٠ - ٢٢] .
فالوسوسة: حديث النفس والصوت الخفى، وبه سمى صوت الحلى وسواسا، ورجل موسوس بكسر الواو، ولا يفتح فإنه لحن، وإنما قيل له: موسوس؛ لأن نفسه توسوس إليه، قال تعالى:{وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[ق: ١٦] .
وعلم عدو الله أنهما إذا أكلا من الشجرة بدت لهما عوراتهما، فإنها معصية، والمعصية تهتك ستر ما بين الله وبين العبد، فلما عصيا انهتك ذلك الستر فبدت لهما سوآتهما فالمعصية تبدى السوأة الباطنة والظاهرة، ولهذا رأى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى رؤياه الزناة والزوانى عراة بادية سوآتهم، وهكذا إذا رؤى الرجل أو المرأة فى منامه مكشوف السوأة يدل على فساد فى دينه، قال الشاعر: