فنهى النبى صلى الله عليه وآله وسلم عن التشديد فى الدين، وذلك بالزيادة على المشروع، وأخبر أن تشديد العبد على نفسه هو السبب لتشديد الله عليه، إما بالقدر، وإما بالشرع.
فالتشديد بالشرع: كما يشدد على نفسه بالنذر الثقيل، فيلزمه الوفاء به، وبالقدر كفعل أهل الوسواس. فإنهم شددوا على أنفسهم فشدد عليهم القدر، حتى استحكم ذلك وصار صفة لازمة لهم.
فالفقه كل الفقه الاقتصاد فى الدين، والاعتصام بالسنة.
قال أبى بن كعب رضى الله عنه:"عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ما من عبد على السبيل والسنة ذكر الله عز وجل فاقشعر جلده من خشية الله تعالى إلا تحاتت عنه خطاياه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها. وإن اقتصادا فى سبيل وسنة خير من اجتهاد فى خلاف سبيل وسنة. فاحرصوا إذا كانت أعمالكم اقتصادا أن تكون على منهاج الأنبياء وسنتهم".
قال الشيخ أبو محمد المقدسى فى كتابه ذم الوسواس: "الحمد لله الذى هدانا بنعمه، وشرفنا بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم وبرسالته، ووفقنا للاقتداء به والتمسك بسنته، ومن علينا باتباعه الذى جعله علماً على محبته ومغفرته وسببا لكتابة رحمته وحصول هدايته، فقال سبحانه:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}[آل عمران: ٣١] ، وقال تعالى:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلّذِينَ يَتّقُونَ} إلى قوله: {الّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النّبىَّ الأمِّىَّ}[الأعراف: ١٥٦-١٥٧] ثم قال: {فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النبى الأُمِّىَّ الّذِى يُؤْمِنْ بِاللهِ وَكِلمَاتِهِ وَاتّبِعُوهُ لَعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ}[الأعراف: ١٥٨] . أما بعد: فإن الله سبحانه جعل الشيطان عدوا للإنسان، يقعد له الصراط المستقيم، ويأتيه من كل جهة وسبيل، كما أخبر الله تعالى عنه أنه قال:{لأقْعُدَنّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيمْاَنهم وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}[الأعراف: ١٦-١٧] . وحذرناً الله عز وجل من متابعته، وأمرنا بمعاداته ومخالفته، فقال