سبيله كنت قرينه، وستقولين:{يَا لَيْتَ بَيْنى وَبَيْنَكَ بُعْدَ المَشْرقين فَبِئْسَ الْقَرِينُ}[الزخرف: ٣٨] . ولينظر أحوال السلف فى متابعتهم لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فليقتد بهم وليختر طريقهم فقد روينا عن بعضهم أنه قال: لقد تقدمنى قوم لو لم يتجاوزوا بالوضوء الظفر ما تجاوزته. قلت: هو إبراهيم النخعى.
وقال زين العابدين يوماً لابنه:"يا بنى، اتخذ لى ثوباً ألبسه عند قضاء الحاجة، فإنى رأيت الذباب يسقط على الشىء ثم يقع على الثوب، ثم انتبه فقال: ما كان للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه إلا ثوب واحد، فتركه".
وكان عمر رضى الله تعالى عنه يهم بالأمر ويعزم عليه، فإذا قيل له: لم يفعله رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم انتهى، حتى إنه قال:"لقد هممت أن أنهى عن لبس هذه الثياب، فإنه قد بلغنى أنها تصبغ ببول العجائز فقال له أبى: ما لك أن تنهى، فإن رسول الله عليه الصلاة والسلام قد لبسها ولبست فى زمانه ولو علم الله أن لبسها حرام لبينه لرسوله صلى الله عليه وسلم. فقال عمر: صدقت".
ثم ليعلم أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان فيهم موسوس. ولو كان الوسوسة فضيلة لما ادخرها الله عن رسوله وصحابته، وهم خير الخلق وأفضلهم، ولو أدرك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الموسوسين لمقتهم، ولو أدركهم عمر رضى الله تعالى عنه لضربهم وأدبهم، ولو أدركهم الصحابة لبدعوهم، وها أنا أذكر ما جاء فى خلاف مذهبهم على ما يسره الله تعالى مفصلاً:
الفصل الأول: فى النية فى الطهارة والصلاة
النية هى القصد والعزم على فعل الشىء، ومحلها القلب، لا تعلق لها باللسان أصلاً ولذلك لم ينقل عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ولا عن أصحابه فى النية لفظ بحال، ولا سمعنا