الشىء كونه معدوما، فإن إيجاد الموجود محال، وإذا كان كذلك فما يحصل له بوقوفه شىء، لو وقف ألف عام.
قال: ومن العجب أنه يتوسوس حال قيامه، حتى يركع الإمام، فإذا خشى فوات الركوع كبر سريعاً وأدركه. فمن لم يحصل النية فى الوقوف الطويل حال فراغ باله كيف يحصلها فى الوقت الضيق مع شغل باله بفوات الركعة؟،
ثم ما يطلبه إما أن يكون سهلاً أو عسيراً، فإن كان سهلاً فكيف يعسره؟ وإن كان عسيراً فكيف تيسر عند ركوع الإمام سواه؟ وكيف خفى ذلك على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وصحابته من أولهم إلى آخرهم، والتابعين ومن بعدهم؟ وكيف لم ينتبه له سوى من استحوذ عليه الشيطان، أفيظن بجهله أن الشيطان ناصح له؟ أما علم أنه لا يدعو إلى هدى، ولا يهدى إلى خير؟ وكيف يقول فى صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وسائر المسلمين الذين لم يفعلوا فعل هذا الموسوس؟ أهى ناقصة عنده مفضولة؟ أم هى التامة الفاضلة؟ فما دعاه إلى مخالفتهم والرغبة عن طريقهم؟.
فإن قال: هذا مرض بليت به، قلنا: نعم، سببه قبولك من الشيطان، ولم يعذر الله تعالى أحدا بذلك، ألا ترى أن آدم وحواء لما وسوس لهما الشيطان فقبلا منه أخرجا من الجنة، ونودى عليهما بما سمعت، وهما أقرب إلى العذر؛ لأنهما لم يتقدم قبلهما من يعتبران به، وأنت قد سمعت وحذرك الله تعالى من فتنته، وبين لك عداوته، وأوضح لك الطريق، فمالك عذر ولا حجة فى ترك السنة والقبول من الشيطان.
قلت: قال شيخنا: ومن هؤلاء من يأتى بعشر بدع لم يفعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولا أحد من أصحابه واحدة منها، فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، نويت أصلى صلاة الظهر فريضة الوقت، أداء لله تعالى، إماما أو مأموما، أربع ركعات، مستقبل القبلة، ثم يزعج أعضاءه ويحنى جبهته ويقيم عروق عنقه، ويصرح بالتكبير. كأنه يكبر على العدو. ولو مكث أحدهم عمر نوح عليه السلام يفتش: هل فعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أو أحد من أصحابه شيئاً من ذلك، لما ظفر به، إلا أن يجاهر بالكذب البحت. فلو كان