للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن المنذر: "وطئ ابن عمر بمنى وهو حاف فى ماء وطين ثم صلى ولم يتوضأ". قال: "وممن رأى ذلك علقمة، والأسود، وعبد الله بن مغفل وسعيد بن المسيب، والشعبى، والإمام أحمد، وأبو حنيفة، ومالك، وأحد الوجهين للشافعية"، قال: "وهو قول عامة أهل العلم، ولأن تنجيسها فيه مشقة عظيمة منتفية بالشرع، كما فى أطعمة الكفار وثيابهم، وثياب الفساق شربة المسكر وغيرهم".

قال أبو البركات بن تيمية: "وهذا كله يقوى طهارة الأرض بالجفاف، لأن الإنسان فى العادة لا يزال يشاهد النجاسات فى بقعة من طرقاته التى يكثر فيها تردده إلى سوقه ومسجده وغيرهما، فلو لم تطهر إذا أذهب الجفاف أثرها للزمه تجنب ما شاهده من بقاع النجاسات بعد ذهاب أثرها، ولما جاز له التحفى بعد ذلك، وقد علم أن السلف الصالح لم يحترزوا من ذلك. ويعضده أمره عليه الصلاة والسلام بمسح النعلين بالأرض لمن أتى المسجد ورأى فيهما خبثاً، ولو تنجست الأرض بذلك نجاسة لا تطهر بالجفاف لأمر بصيانة طريق المسجد عن ذلك، لأنه يسلكه الحافى وغيره".

قلت: وهذا اختيار شيخنا رحمه الله.

وقال أبو قلابة: "جفاف الأرض طهورها".

فصل

ومن ذلك: أن النبى عليه الصلاة والسلام سئل عن المذى، فأمر بالوضوء منه، فقال:

"كَيْفَ تَرَى بمَا أَصَابَ ثَوْبى مِنْهُ؟ قَالَ: تَأْخُذُ كَفا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضحُ بِه حَيْثُ تَرَى أَنّهُ أصَابَهُ". رواه أحمد والترمذى والنسائى.

فجوّز نضح ما أصابه المذى، كما أمر بنضح بول الغلام.

قال شيخنا: وهذا هو الصواب، لأن هذه نجاسة يشق الأحتراز منها، لكثرة ما يصيب ثياب الشاب العزب، فهى أولى بالتخفيف من بول الغلام، ومن أسفل الخف والحذاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>