ومن ذلك: إجماع المسلمين على ما سنه لهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من جواز الاستجمار بالأحجار فى زمن الشتاء والصيف، مع أن المحل يعرق، فينضح على الثوب ولم يأمر بغسله من ذلك.
ومن ذلك: أنه يعفى عن يسير أرواث البغال والحمير والسباع، فى إحدى الروايتين عن أحمد، اختارها شيخنا لمشقة الاحتراز.
قال الوليد بن مسلم:"قلت للأوزاعى: فأبوال الدواب مما لا يؤكل لحمه، كالبغل والحمار والفرس؟ فقال: قد كانوا يبتلون بذلك فى مغازيهم، فلا يغسلونه من جسد ولا ثوب".
ومن ذلك: نص أحمد على أن الوَدْىَ يعفى عن يسيره كالمذى، وكذلك يعفى عن يسير القئ نص عليه أحمد.
وقال شيخنا:"لا يجب غسل الثوب ولا الجسد من المِدَّة والقيح والصديد"، قال:"ولم يقم دليل على نجاسته".
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه طاهر، حكاه أبو البركات. وكان ابن عمر رضى الله عنهما لا ينصرف منه فى الصلاة، وينصرف من الدم. وعن الحسن نحوه.
وسئل أبو مجلز عن القيح يصيب البدن والثوب؟ فقال:"ليس بشىء، إنما ذكر الله الدم ولم يذكر القيح".
وقال إسحاق بن راهويه:"كل ما كان سوى الدم فهو عندى مثل العرق المنتن وشبهه، ولا يوجب وضوءا".
وسئل أحمد رحمه الله: الدم والقيح عندك سواء؟ فقال:"لا، الدم لم يختلف الناس فيه، والقيح قد اختلف الناس فيه". وقال مرة:"القيح والصديد والمِدة عندى أسهل من الدم".
ومن ذلك: ما قاله أبو حنيفة: "أنه لو وقع بعر الفأر فى حنطة فطحنت، أو فى دهن مائع جاز أكله ما لم يتغير، لأنه لا يمكن صونه عنه". قال:"فلو وقع فى الماء نجسه".