نها ليست التى وقعت اليمين عليها فحرمها، مع أن الأصل بقاء النكاح، ولم يعارضه يقين التحريم فهاهنا أولى.
فيقال: الخرقى نص على المسألتين مفرقاً بينهما فى مختصره، فقال: وإذا طلق واحدة من نسائه وأنسيها أخرجت بالقرعة. وقال: ما حكاه الشيخ عنه فى الموضعين. فأما من شك: هل طلق واحدة أم ثلاثاً، فأكثر النصوص أنه إنما يلزمه واحدة، وهو ظاهر المذهب. والخرقى اختار الرواية الأخرى. وهى مذهب مالك، وقد تقدم مأخذ القولين وبيان الراجح منهما.
وعلى القول بلزوم الثلاث فالفرق بين ذلك، وبين إخراج المنسية بالقرعة: أن المجهول فى الشرع كالمعدوم. فقد جهلنا وقوع الطلاق بأى الزوجتين، فلم يتحقق تحريم إحداهما. ولم يكن لنا سبيل إلى تحريمهما ولا إباحتهما. والوقف مفسدة ظاهرة فتعينت القرعة، بخلاف من أوقع على زوجته طلاقاً قد شك فى عدده فإنه قد شك: هل يرتفع ذلك الطلاق بالرجعة أولا يرتفع بها؟ فألزمه بالثلاث. فظهر الفرق بينهما على هذا القول.
وأما على المشهور من المذهب فلا إشكال.
وأما من حلف بالطلاق لا يأكل تمرة فوقعت فى تمر، أكل منه واحدة. فقد قال الخرقى: إنه يمنع من وطء زوجته حتى يتيقن. وهذا يحتمل الكراهة والتحريم. ومذهب الشافعى وأبى حنيفة: أنه لا يحنث، ولا يحرم عليه وطء زوجته: هو اختيار أبى الخطاب، وهو الصحيح. وإن أراد به التحريم فهو يشبه ما قاله هو ومالك فيمن طلق وشك، هل طلق واحدة أم ثلاثاً؟
فصل
وأما من حلف على يمين ثم نسيها. وقولهم: يلزمه جميع ما يحلف به، فقول شاذ جدا. وليس عن مالك، إنما قاله بعض أصحابه. وسائر أهل العلم على خلافه. وأنه لا يلزمه شىء حتى يتيقن، كما لو شك: هل حلف أو لا؟
فإن قيل: فينبغى أن يلزمه كفارة يمين، لأنها الأقل.
قيل: موجب الأيمان مختلف. فما من يمين إلا وهى مشكوك فيها، هل حلف بها أم لا؟