وشذ بعض الناس فقال: يصلى أربع صلوات إلى أربع جهات، وهذا قول شاذ مخالف للسنة، وإنما التزمه قائله فى مسألة اشتباه الثياب، وهذا ونحوه من وجوه الالتزامات عند المضايق، طرداً لدليل المستدل مما لا يلتفت إليها، ولا يعول عليها.
ونظيره: التزام من التزم اشتراط النية لإزالة النجاسة، لما ألزمهم أصحاب أبى حنيفة بذلك، قال بعضهم: نقول به.
ونظيره: إدراك الجمعة والجماعة بإدراك تكبيرة مع الإمام، لما ألزمت الحنفية من نازعها فى ذلك بالتسوية بين الجمعة والجماعة التزمه بعضهم، وقال: نقول به.
فصل
وأما من ترك صلاة من يوم لا يعلم عينها، فاختلف الفقهاء فى هذه المسألة على أقوال.
أحدها: أنه يلزمه خمس صلوات. نص عليه أحمد، وهو قول مالك، والشافعى، وأبى حنيفة وإسحاق، لأنه لا سبيل له إلى العلم ببراءة ذمته يقينا إلا بذلك.
القول الثانى: أنه يصلى رباعية ينوى بها ما عليه. ويجلس عقيب الثانية والثالثة والربعة. وهذا قول الأوزاعى، وزفر بن الهذيل، ومحمد بن مقاتل من الحنفية، بناء على أنه يخرج من الصلاة بدون الصلاة على النبى صلى الله تعالى وآله عليه وسلم، وبدون السلام، وأن نية الفرضية تكفى من غير تعيين، كما فى الزكاة، ولا يضر جلوسه عقيب الثالثة، إن كانت المنسية رباعية، لأنه زيادة من جنس الصلاة، لا على وجه العمد.
القول الثالث: أنه يجزيه أن يصلى فجراً، ومغربا ورباعية ينوى ما عليه. وهذا قول سفيان الثورى، ومحمد بن الحسن.
ويخرج على المذهب إذا قلنا بأن نية المكتوبة تكفى من غير تعيين.
وقد قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبى يُسأل: ما تقول فى رجل ذكر أن عليه صلاة لم يعينها، فصلى ركعتين وجلس وتشهد، ونوى بها الغداة ولم يسلم، ثم قام فأتى بركعه وجلس وتشهد ونوى بها المغرب، وقام ولم يسلم، وأتى برابعة ثم جلس، فتشهد ونوى بها ظهراً أو عصراً أو عشاء الآخرة ثم سلم؟ فقال له أبى: "هذا يجزيه، ويقضى عنه على مذهب العراقيين،