للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام أبو بكر الطرطوشى: "انظروا رحمكم الله أينما وجدتم سدرة، أو شجرة يقصدها الناس ويعظمونها، ويرجون البرء والشفاء من قبلها، ويضربون بها المسامير والخرق، فهى ذات أنواط، فاقطعوها".

وقال الحافظ أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبى شامة فى كتاب الحوادث والبدع: "ومن هذا القسم ما قد عم به الابتلاء من تزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان والعمد، وسرج مواضع مخصوصة من كل بلد، يحكى لهم حاك أنه رأى فى منامه بها أحدا ممن شهر بالصلاح والولاية، فيفعلون ذلك، ويحافظون عليه، مع تضييعهم فرائض الله، وسننه، ويظنون أنهم متقربون بذلك. ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن فى قلوبهم فيعظمونها، ويرجون الشفاء لمرضاهم، وقضاء حوائجهم بالنذر لها، وهى من بين عيون، وشجر وحائط، وحجر. وفى مدينة دمشق من ذلك مواضع متعددة. كعوينة الحمى خارج باب توما، والعمود المخلق داخل باب الصغير، والشجرة الملعونة اليابسة خارج باب النصر، فى نفس قارعة الطريق، سهل الله قطعها واجتثاثها من أصلها، فما أشبهها بذات أنواط التى فى الحديث"، ثم ساق حديث أبى واقد:

"أَنّهُمْ مَرُّوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ تَعَالَى عليهِ وآلهِ وَسلم بِشَجَرَةٍ عَظِيمَةٍ خَضْرَاءَ يقالُ لهَا: ذَات أَنْوَاطٍ، فقَالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْواطٍ كَما لَهُمْ ذَات أَنْواطٍ. فقَالَ النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، هذا كما قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى: اجْعَلْ لَنَا إٍلهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَة. قَالَ: إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ، لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ". قال الترمذى: هذا حديث حسن صحيح.

ثم ذكر ما صنعه بعض أهل العلم ببلاد إفريقية: "أنه كان إلى جانبه عين تسمى عين العافية، كان العامة قد افتتنوا بها يأتونها من الآفاق، فمن تعذر عليه نكاح، أو ولد، قال: امضوا بى إلى العافية، فيعرف فيها الفتنة، فخرج فى السحر فهدمها، وأذن للصبح عليها، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>