للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: اللهم إنى هدمتها لك، فلا ترفع لها رأسا، قال: فما رفع لها رأس إلى الآن".

وقد كان بدمشق كثير من هذه الأنصاب، فيسر الله سبحانه كسرها على يد شيخ الإسلام وحزب الله الموحدين، كالعمود المخلق، والنصب الذى كان بمسجد النارنج عند المصلى يعبده الجهال، والنصب الذى كان تحت الطاحون الذى عند مقابر النصارى ينتابه الناس للتبرك به، وكان صورة صنم فى نهر القلوط ينذرون له ويتبركون به، وقطع الله سبحانه النصب الذى كان عند الرحبة يسرج عنده، ويتبرك به المشركون. وكان عموداً طويلاً على رأسه حجر كالكرة. وعند مسجد درب الحجر نصب قد بنى عليه مسجد صغير، يعبده المشركون يسر الله كسره.

فما أسرع أهل الشرك إلى اتخاذ الأوثان من دون الله، ولو كانت ما كانت، ويقولون: إن هذا الحجر، وهذه الشجرة، وهذه العين تقبل النذر، أى تقبل العبادة من دون الله تعالى، فإن النذر عبادة وقربة، يتقرب بها الناذر إلى المنذور له، ويتمسحون بذلك النصب، ويستلمونه. ولقد أنكر السلف التمسح بحجر المقام الذى أمر الله تعالى أن يتخذ منه مصلى، كما ذكر الأزرقى فى كتاب تاريخ مكة عن قتادة فى قوله تعالى:

{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْراهِيمَ مُصَلى} [البقرة: ١٢٥] . قال: "إنما أمروا أن يصلوا عنده، ولم يؤمروا بمسحه. ولقد تكلفت هذه الأمة شيئا ما تكلفته الأمم قبلها، ذكر لنا من رأى أثره وأصابعه، فما زالت هذه الأمة تمسحه حتى اخلولق".

وأعظم الفتنة بهذه الأنصاب فتنة أنصاب القبور، وهى أصل فتنة عبادة الأصنام كما قاله السلف من الصحابة والتابعين، وقد تقدم.

ومن أعظم كيد الشيطان: أنه ينصب لأهل الشرك قبر معظم يعظمه الناس، ثم يجعله وثنا يعبد من دون الله، ثم يوحى إلى أوليائه: أن من نهى عن عبادته، واتخاذه عيدا، وجعله وثنا فقد تنقصه وهضم حقه. فيسعى الجاهلون المشركون فى قتله وعقوبته ويكفرونه. وذنبه عند أهل الإشراك: أمره بما أمر الله به ورسوله، ونهيه عما نهى الله عنه ورسوله: من جعله وثنا وعيدا، وإيقاد السرج عليه، وبناء المساجد والقباب عليه وتجصيصه، وإشادته وتقبيله، واستلامه، ودعائه، والدعاء به أو السفر إليه أو الاستغاثة به من دون الله، مما قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أنه مضاد لما بعث الله به رسوله: من تجريد التوحيد لله

<<  <  ج: ص:  >  >>