وكذلك القلب المريض بالشهوة، فإنه لضعفه يميل إلى ما يعرض له من ذلك بحسب قوة المرض وضعفه.
وكذلك إذا قوى نوره وإشراقه انكشفت له صور المعلومات وحقائقها على ما هى عليه، فاستبان حُسْنَ الحسن بنوره، وآثره بحياته، وكذلك قبح القبيح، وقد ذكر سبحانه وتعالى هذين الأصلين فى مواضع من كتابه. فقال تعالى:
فجمع بين الروح الذى يحصل به الحياة، والنور الذى يحصل به الإضاءة والإشراق، وأخبر أن كتابه الذى أنزله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم متضمن للأمرين، فهو روح تحيا به القلوب، ونور تستضىء وتشرق به، كما قال تعالى:
أى أو من كان كافرا ميت القلب، مغموراً فى ظلمة الجهل: فهديناه لرشده، ووفقناه للإيمان، وجعلنا قلبه حيا بعد موته، مشرقا مستنيراً بعد ظلمته؟ فجعل الكافر لانصرافه عن طاعته، وجهله بمعرفته، وتوحيده وشرائع دينه، وترك الأخذ بنصيبه من رضاه، والعمل بما يؤديه إلى نجاته وسعادته: بمنزلة الميت الذى لا ينفع نفسه بنافعة، ولا يدفع عنها من مكروه، فهديناه للإسلام وأنعشناه به، فصار يعرف مضار نفسه ومنافعها، ويعمل فى خلاصها من سخط الله تعالى وعقابه، فأبصر الحق بعد عماه عنه، وعرفه بعد جهله به، واتبعه بعد إعراضه عنه، وحصل له نور وضياء يستضىء به، فيمشى بنوره بين الناس، وهم فى سدف الظلام، كما قيل:
لَيْلى بِوَجْهِكَ مُشْرِقٌ ... وَظَلامُهُ فى النَّاسِ سَارِى
النَّاسُ فى سُدُفِ الظّلا ... م وَنَحْنُ فِى ضَوْءِ النّهَارِ
ولهذا يضرب الله سبحانه وتعالى المثلين المائى والنارى لوحيه ولعباده.