مرضى لله، ويكون بمنزلة من أملى له وأمد بالمال والبنين، وهو يظن أن الله تعالى يسارع له فى الخيرات. وقد قال تعالى:
{فَلَمَّا نَسُوا مَاذُكروا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُل شَىءٍ}[الأنعام: ٤٤] . فالدعاء قد يكون عبادة فيثاب عليه الداعى. وقد يكون مسألة تقضى به حاجته ويكون مضرة عليه، إما أن يعاقب بما يحصل له، أو تنقص به درجته، فيقضى حاجته ويعاقبه على ما جرأ عليه من إضاعة حقوقه واعتداء حدوده.
والمقصود: أن الشيطان بلطف كيده يحسن الدعاء عند القبر، وأنه أرجح منه فى بيته ومسجده وأوقات الأسحار. فإذا تقرر ذلك عنده نقله درجة أخرى، من الدعاء عنده إلى الدعاء به، والإقسام على الله به، وهذا أعظم من الذى قبله، فإن شأن الله أعظم من أن يقسم عليه، أو يسأل بأحد من خلقه، وقد أنكر أئمة الإسلام ذلك.
فقال أبو الحسين القدورى فى شرح كتاب الكرخى: قال بشر بن الوليد: سمعت أبا يوسف يقول: قال أبو حنيفة: "لا ينبغى لأحد أن يدعو الله إلا به. قال: وأكره أن يقول: أسألك بمعقد العز من عرشك. وأكره أن يقول: بحق فلان، وبحق أنبيائك ورسلك، وبحق البيت الحرام".
قال أبو الحسين:"أما المسألة بغير الله فمنكرة فى قولهم، لأنه لا حق لغير الله عليه، وإنما الحق لله على خلقه، وأما قوله: بمعقد العز من عرشك، فكرهه أبو حنيفة ورخص فيه أبو يوسف".
وقال:"وروى أن النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم دعا بذلك، قال: ولأن معقد العز من العرش إنما يراد به القدرة التى خلق بها العرش، مع عظمته. فكأنه سأله بأوصافه".