وقال ابن بلدجى فى شرح المختار:"ويكره أن يدعو الله تعالى إلا به، فلا يقول: أسألك بفلان، أو بملائكتك، أو بأنبيائك ونحو ذلك، لأنه لا حق للمخلوق على خالقه، أو يقول فى دعائه: أسألك بمعقد العز من عرشك. وعن أبى يوسف جوازه".
وما يقول فيه أبو حنيفة وأصحابه أكره كذا، هو عند محمد حرام. وعند أبى حنيفة وأبى يوسف هو إلى الحرام أقرب، وجانب التحريم عليه أغلب.
وفى فتاوى أبى محمد بن عبد السلام:"أنه لا يجوز سؤال الله سبحانه بشىء من مخلوقاته، لا الأنبياء، ولا غيرهم، وتوقف فى نبينا صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، لاعتقاده أن ذلك جاء فى حديث، وأنه لم يعرف صحة الحديث".
فإذا قرر الشيطان عنده أن الإقسام على الله به، والدعاء به أبلغ فى تعظيمة واحترامه، وأنجع فى قضاء حاجته، نقله درجة أخرى إلى دعائه نفسه من دون الله. ثم ينقله بعد ذلك درجة أخرى إلى أن يتخذ وثنا يعكف عليه ويوقد عليه القنديل، ويعلق عليه الستور، ويبنى عليه المسجد، ويعبده بالسجود له، والطواف به وتقبيله واستلامه والحج إليه والذبح عنده. ثم ينقله درجة أخرى إلى دعاء الناس إلى عبادته، واتخاذه عيداً ومنسكاً وأن ذلك أنفع لهم فى دنياهم وآخرتهم.
قال شيخنا قدس الله روحه:"وهذه الأمور المبتدعة عند القبور مراتب، ابعدها عن الشرع: أن يسأل الميت حاجته، ويستغيث به فيها، كما يفعله كثير من الناس. قال: وهؤلاء من جنس عباد الأصنام، ولهذا قد يتثمل لهم الشيطان فى صورة الميت أو الغائب كما يتمثل لعباد الأصنام. وهذا يحصل للكفار من المشركين وأهل الكتاب، يدعو أحدهم من يعظمه فيتمثل له الشيطان أحياناً. وقد يخاطبهم ببعض الأمور الغائبة. وكذلك السجود للقبر، والتمسح به وتقبيله".
والمرتبة الثانية: أن يسأل الله عز وجل به. وهذا يفعله كثير من المتأخرين، وهو بدعة باتفاق المسلمين.
الثالثة: أن يسأله نفسه.
الرابعة: أن يظن أن الدعاء عند قبره مستجاب، أو أنه أفضل من الدعاء فى المسجد