للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ بهَا فى الأرْضِ أعْظَمُ رَحمَةٍ ... والنَّاسُ فى سَعْدٍ وَفى إِقبَالِ

أَحْكامُهُمْ تجْرِى عَلَى وَجْهِ السَّدَ ... ادِ، وَحَالُهُمْ فى ذَاكَ أحْسَنْ حَالِ

أَمْناً، وعزا فى هُدًى، وَتَرَاحُمٍ ... وَتَوَاصُلٍ، وَمَحَبّةٍ، وَجلالِ

فَتَغَيَّرَتْ أَوْضَاعُهَا، حَتَّى غَدَتْ ... مَنْكُورةً، بِتَلوُّثِ الأعمالِ

فَتَغَيَّرَتْ أَعمالُهُمْ وَتَبدَّلَتْ ... أَحْوَالُهُمْ بالنَّقْصِ بَعْدَ كمَالِ

لَوْ كانَ دِينُ اللهِ فيهِمْ قائماً ... لَرَأَيْتَهُمْ فى أَحْسَنِ الأحْوَالِ

وإِذا هُمُوا حَكَمُوا بحُكْمٍ جَائرٍ ... حَكَمُوا لمُنْكِرِهِ بِكُل وَبَالِ

قُالوا: أتُنْكِرُ حُكمَ شَرْعِ مُحَمدٍ؟ ... حَاشَا لِذَا الشّرْعِ الشَّرِيفِ العَالِى

عَجَّتْ فُرُوجُ النَّاسِ، ثُمَّ حُقُوقُهُم ... للهِ بِالبُكُرَاتِ والآصَالِ

كمْ تُسْتَحَلُّ بكل حُكْمٍ بَاطِلٍ ... لا يَرْتَضِيهِ رَبُّنَا المُتَعَالِى

والكلُّ فى قَعْرِ الجَحِيمِ، سِوَى الَّذِى ... يَقْضِى بِدينِ اللهِ، لا لِنَوَالِ

أَوَ مَا سَمِعْتَ بأَنّ ثُلْثَيْهِمْ غَدا ... فى النَّار، فى ذَاكَ الزَّمَانِ الَخْالى؟

وَزَمَانُنَا هذَا، فَرَبُّكَ عَالِمٌ ... هَلْ فيهِ ذَاكَ الثُّلْثُ، أَمْ هُوَ خَالِى؟

يا بَاغِىَ الإِحْسَانِ يَطْلُبُ رَبَّهُ ... لِيَفُوزَ مِنْهُ بِغَايَهِ الآمَالِ

انْظُرْ إلى هدْىِ الصَّحَابَةِ وَالذِى ... كانُوا عَلَيْهِ فى الزَّمَانِ الَخْالِى

واسْلُكْ طَرِيقَ القَوْمِ أَيْنَ تَيَمَّمُوا ... خُذْ يَمْنَةً ما الدَّرْبُ ذَاتَ شِمَالِ

تَاللهِ مَا اخْتَارُوا لأَنْفُسِهمْ سِوَى ... سُبُلِ الهُدَى فى القَوْلِ وَالأفعالِ

دَرَجُوا عَلَى نَهْجٍ الرَّسُولِ وَهَدْيه ... وَبِهِ اقْتَدوْا فى سَائرِ الأحوالِ

نِعْمَ الرَّفِيقُ لِطَالِبٍ يَبْغِى الْهُدى ... فمآلُهُ فى الَحْشْرِ خَيْرُ مآلِ

القَانِتِينَ المُخْبِتينَ لِرَبهِمْ ... النَّاطِقِينَ بأَصْدَقِ الأقوَالِ

التَّارِكِينَ لكل فِعْلٍ منكر ... وَالعَامِلينَ بأَحْسَنِ الأعمَالِ

أَهوَاؤُهُمْ تَبَعٌ لِدينِ نَبِيهمْ ... وَسِوَاهُمُ بِالضِّدَّ فى ذِى الحْالِ

مَا شَانَهُمْ فى دِينْهِمْ نَقْص، وَلا ... فى قَوْلِهمْ شَطْحُ الَجْهُولِ الْغالِى

<<  <  ج: ص:  >  >>