مداره على عبيد الله بن زحر عن على بن يزيد الإلهانى عن القاسم، فعبيد الله بن زحر ثقة، والقاسم ثقة، وعلى ضعيف، إلا أن للحديث شواهد ومتابعات، سنذكرها إن شاء الله، ويكفى تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث: بأنه الغناء، فقد صح ذلك عن ابن عباس، وابن مسعود.
قال أبو الصهباء:"سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: {ومن الناس من يشترى لهو الحديث}[لقمان: ٦] فقال: والله الذى لا إله غيره هو الغناء -يرددها ثلاث مرات.
وصح عن ابن عمر رضى الله عنهما أيضاً أنه:[الغناء] .
قال الحاكم أبو عبد الله فى التفسير، من كتاب المستدرك: "ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابى الذى شهد الوحى والتنزيل عند الشيخين: حديث مسند.
وقال فى موضع آخر من كتابه:"هو عندنا فى حكم المرفوع".
وهذا، وإن كان فيه نظر، فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل من كتابه، فعليهم نزل، وهم أول من خوطب به من الأمة. وقد شاهدوا تفسيره من الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم علماً وعملاً، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل.
ولا تعارض بين تفسير "لهو الحديث" بالغناء، وتفسيره: بأخبار الأعاجم وملوكها، وملوك الروم، ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة، يشغلهم به عن القرآن، فكلاهما لهو الحديث، ولهذا قال ابن عباس:"لهو الحديث: الباطل والغناء".
فمن الصحابة من ذكر هذا، ومنهم من ذكر الآخر، ومنهم من جمعهما.
والغناء أشد لهواً، وأعظم ضرراً من أحاديث الملوك وأخبارهم، فإنه رقية الزنا، ومنبت النفاق، وشرك الشيطان، وخمرة العقل، وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل، لشدة ميل النفوس إليه، ورغبتها فيه.
إذا عرف هذا، فأهل الغناء ومستمعوه لهم نصيب من هذا الذم بحسب اشتغالهم بالغناء عن القرآن، وإن لم ينالوا جميعه، فإن الآيات تضمنت ذم من استبدل لهو الحديث