للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً، وإذا تليى عليه القرآن ولى مستكبراً كأن لم يسمعه، كأن فى أذنيه وقراً، وهو الثقل والصمم، وإذا علم منه شيئاً استهزأ به، فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفراً، وإن وقع بعضه للمغنين ومستمعيهم، فلهم حصة ونصيب من هذا الذم.

يوضحه: أنك لا تجد أحداً عنى بالغناء وسماع آلاته، إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى، علماً وعملاً، وفيه رغبة عن استماع القرآن إلى استماع الغناء، بحيث إذا عرض له سماع الغناء وسماع القرآن عدل عن هذا إلى ذاك، وثقل عليه سماع القرآن، وربما حمله الحال على أن يسكت القارئ ويستطيل قراءته، ويستزيد المغنى ويستقصر نوبته، وأقل ما فى هذا: أن يناله نصيب وافر من هذا الذم، إن لم يحظ به جميعه

والكلام فى هذا مع من فى قلبه بعض حياة يحس بها. فأما من مات قلبه، وعظمت فتنته، فقد سد على نفسه طريق النصيحة:

{وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لهم فِى الدُّنْيَا خِزْىٌ وَلَهُمْ فى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٤١] .

فصل

الاسم الثانى والثالث: الزور، واللغو.

قال تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِالَّلغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان: ٧٢] .

قال محمد بن الحنفية: "الزور هاهنا الغناء"، وقاله ليث عن مجاهد، وقال الكلبى: لا يحضرون مجالس الباطل.

واللغو فى اللغة: كل ما يلغى ويطرح، والمعنى: لا يحضرون مجالس الباطل، وإذا مروا بكل ما يلغى من قول وعمل أكرموا أنفسهم أن يقفوا عليه أو يميلوا إليه. ويدخل فى هذا: أعياد المشركين، كما فسرها به السلف، والغناء، وأنواع الباطل كلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>