للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما قضى الله، وإن من شقاوة ابن آدم ترك استخارة الله، وسخطه بما قضى الله تعالى".

ولما كانت خشية الله عز وجل رأس كل خير فى المشهد والمغيب، سأله خشيته فى الغيب والشهادة.

ولما كان أكثر الناس إنما يتكلم بالحق فى رضاه، فإذا غضب أخرجه غضبه إلى الباطل، وقد يدخله أيضاً رضاه فى الباطل، سأل الله عز وجل من توفيقه لكلمة الحق فى الغضب والرضى. ولهذا قال بعض السلف: لا تكن ممن إذا رضى أدخله رضاه فى الباطل، وإذا غضب أخرجه غضبه من الحق.

ولما كان الفقر والغنى محنتين وبليتين، يبتلى الله بهما عبده. ففى الغنى يبسط يده، وفى الفقر يقبضها، سأل الله عز وجل القصد فى الحالين، وهو التوسط الذى ليس معه إسراف ولا تقتير.

ولما كان النعيم نوعين: نوعا للبدن، ونوعا للقلب، وهو قرة العين، وكماله بدوامه واستمراره، جمع بينهما فى قوله "أسألك نعيما لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع".

ولما كانت الزينة زينتين: زينة البدن، وزينة القلب، وكانت زينة القلب أعظمهما قدرا وأجلهما خطرا، وإذا حصلت زينة البدن على أكمل الوجوه فى العقبى، سأل ربه الزينة الباطنة فقال: "زيِّنا بِزِينَةِ الإيمَانِ".

ولما كان العيش فى هذه الدار لا يبرد لأحد كائنا من كان، بل هو محشو بالغصص والنكد، ومحفوف بالآلام الباطنة والظاهرة، سأل برد العيش بعد الموت.

والمقصود: أنه جمع فى هذا الدعاء بين أطيب ما فى الدنيا، وأطيب ما فى الآخرة.

فإن حاجة العباد إلى ربهم فى عبادتهم إياه وتألههم له، كحاجتهم إليه فى خلقه لهم، ورزقه إياهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>