للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فى رواية الأثرم وذكر قول من قال: إذا خالف السنة يرد إلى السنة، إنه ليس بشىء. وقال: هذا مذهب الرافضة. وظاهر هذا أن القول بالوقوع إجماع أهل السنة.

قال الآخرون: قد عرفتم ما فى دعوى الإجماع الذى لم يعلم فيه مخالف: أنه راجع إلى عدم العلم لا إلى العلم بانتفاء المخالف، وعدم العلم ليس بعلم حتى يحتج به ويقدم على النصوص الثابتة، هذا إذا لم يعلم مخالف، فكيف إذا علم المخالف؟ وحينئذ فتكون المسألة مسألة نزاع يجب ردها إلى الله تعالى ورسوله، ومن أبى ذلك فهو إما جاهل مقلد وإما متعصب صاحب هوى، عاص لله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، متعرض للحوق الوعيد به. فإن الله تعالى يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اُللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ} [النساء: ٥٩] .

فإذا ثبت أن المسألة مسألة نزاع وجب قطعاً ردها إلى كتاب الله وسنة رسوله، وهذه المسألة مسألة نزاع بلا نزاع بين أهل العلم الذين هم أهله. والنزاع فيها من عهد الصحابة إلى وقتنا هذا، وبيان هذا من وجوه:

أحدها: ما رواه أبو داود وغيره من حديث حماد بن زيد عن أيوب عن كرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما: إذا قال أنت طالق ثلاثاً بفم واحد، فهى واحدة وهذا الإسناد على شرط البخارى.

وقال عبد الرزاق. أخبرنا معمر عن أيوب قال: دخل الحكم بن عيينة على الزهرى بمكة وأنا معهم فسألوه عن البكر تطلق ثلاثاً؟ فقال: سئل عن ذلك ابن عباس وأبو هريرة، وعبد الله بن عمرو فكلهم قالوا: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، قال: فخرج الحكم وأنا معه فأتى طاوساً وهو فى المسجد فأكب عليه فسأله عن قول ابن عباس فيها، وأخبره بقول الزهرى، قال: فرأيت طاوساً رفع يديه تعجبا من ذلك وقال: والله ما كان ابن عباس يجعلها إلا واحدة.

أخبرنا ابن جريج قال: وأخبرنى حسن بن مسلم عن ابن شهاب أن ابن عباس قال: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً ولم يجمع كنّ ثلاثاً، قال: فأخبرت طاوساً فقال: أشهد ما كان ابن عباس يراهن إلا واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>