بانت منه بالأولى، وليست الثنتان بشىء. لأن غير المدخول بها تبين بواحدة، ولا عدة عليها. وقال مالك وربيعة، وأهل المدينة والأوزاعى، وابن أبى ليلى: إذا قال لها ثلاث مرات أنت طالق، نسقاً متتابعة حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره. فإن هو سكت بين التطليقتين، بانت بالأولى ولم تلحقها الثانية.
فصار فى وقوع الثلاث بغير المدخول بها ثلاثة مذاهب للصحابة والتابعين ومن بعدهم.
أحدها: أنها واحدة سواء قالها بلفظ واحد، أو بثلاثة ألفاظ.
والثانى: أنها ثلاث سواء أوقع الثلاث بلفظ واحد، أو بثلاثة ألفاظ.
والثالث: أنه إن أوقعها بلفظ واحد فهى ثلاث. وإن أوقعها بثلاثة ألفاظ فهى واحدة.
الوجه السابع: أن هذا مذهب عمرو بن دينار فى الطلاق قبل الدخول. قال ابن المنذر فى كتابه الأوسط: وكان سعيد بن جبير، وطاوس، وأبو الشعثاء، وعطاء، وعمرو بن دينار يقولون: من طلق البكر ثلاثاً فهى واحدة.
الوجه الثامن: أنه مذهب سعيد بن جبير، كما حكاه ابن المنذر وغيره عنه، وحكاه الثعلبى عن سعيد بن المسيب وهو غلط عليه، وإنما هو مذهب سعيد بن جبير.
الوجه التاسع: أنه مذهب الحسن البصرى الذى استقر عليه. قال ابن المنذر: واختلف فى هذا الباب عن الحسن. فروى عنه كما رويناه عن أصحاب النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم. وذكر قتادة وحميد ويونس عنه: أنه رجع عن قوله بعد ذلك فقال: واحدة بائنة.
وهذا الذى ذكره ابن المنذر رواه عبد الرزاق فى المصنف فقال: أخبرنا معمر عن قتادة قال: سألت الحسن عن الرجل يطلق البكر ثلاثاً، فقال الحسن: وما بعد الثلاث فقلت صدقت، وما بعد الثلاث؟ فأفتى الحسن بذلك زمنا، ثم رجع، فقال: واحد تبينها ويحطها، قاله حياته.
الوجه العاشر: أنه مذهب عطاء بن يسار، قال عبد الرزاق: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن بكير عن [النعمان] بن أبى عياش قال: سأل رجل عطاء بن يسار عن الرجل