للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: ومن بعض حججهم أيضاً فى ذلك: أن الله سبحانه وتعالى أمر بتفريق الطلاق بقوله تعالى:

{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] .

وإذا جمع الإنسان ذلك فى كلمة واحدة وكان ما زاد عليها لغواً، كما جعل مالك رحمه الله رمى السبع الجمرات فى مرة واحدة جمرة واحدة، وبنى عليها أن الطلاق عندهم مثله، قال: وممن نصر هذا القول من أهل الفتيا بالأندلس: أصبغ بن الحباب، ومحمد بن بقى، ومحمد بن عبد السلام الخشنى، وابن زنباع مع غيرهم من نظرائهم، هذا لفظه.

الوجه التاسع عشر: أن أبا الوليد هشام بن عبد الله بن هشام الأزدى القرطبى صاحب كتاب "مفيد الحكام فيما يعرض لهم من النوازل والأحكام" ذكر الخلاف بين السلف والخلف فى هذه المسألة حتى ذكر الخلاف فيها فى مذهب مالك نفسه. وذكر من كان يفتى بها من المالكية. والكتاب مشهور معروف عند أصحاب مالك، كثير الفوائد جداً، ونحن نذكر نصه فيه بلفظه، فنذكر ما ذكره عن ابن مغيث، ثم نتبعه كلامه، ليعلم أن النقل بذلك معلوم متداول بين أهل العلم، وأن من قصر فى العلم باعه وطال فى الجهل والظلم ذراعه، يبادر إلى الجهل والتكفير والعقوبة جهلاً منه وظلماً ويحق له وهو الدعى فى العلم وليس منه أقرب رحماً.

قال ابن هشام: قال ابن مغيث: الطلاق ينقسم على ضربين: طلاق السنة، وطلاق البدعة. فطلاق السنة: هو الواقع على الوجه الذى ندب الشرع إليه. وطلاق البدعة: نقيضه، وهو أن يطلقها فى حيض أو نفاس، أو ثلاثاً فى كلمة واحدة، فإن فعل لزمه الطلاق.

ثم اختلف أهل العلم بعد إجماعهم على أنه مطلق، كم يلزمه من الطلاق.

فقال على بن أبى طالب، وابن مسعود: يلزمه طلقة واحدة، وقاله ابن عباس. وقال: قوله "ثلاثاً" لا معنى له: لأنه لم يطلق ثلاث مرات، وإنما يجوز قوله فى "ثلاث" إذا كان مخبراً عما مضى فيقول طلقت ثلاثاً، بخبر عن ثلاثة أفعال كانت منه فى ثلاثة أوقات كرجل قال: قرأت أمس سورة كذا ثلاث مرات، فذلك يصح. ولو قرأها مرة واحدة، فقال: قرأتها ثلاث مرات، لكان كاذباً. وكذلك لو حلف بالله تعالى ثلاثاً يردد الحلف، كانت ثلاثة أيمان، ولو قال: أحلف بالله ثلاثاً، لم يكن حلف إلا يمينا واحدة. فالطلاق مثله. ومثله

<<  <  ج: ص:  >  >>