عكرمة عن ابن عباس "أن ركانة طلق زوجته عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ثلاثاً فى مجلس واحد، فقال له النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: إنما هى واحدة، فإن شئت فدعها، وإن شئت فار تجعها"، ثم ذكر حديث أبى الصهباء، وذكر بعض تأويلاته التى ذكرناها.
الوجه السادس عشر: أن أبا جعفر الطحاوى حكى القولين فى كتابه "تهذيب الآثار" فقال: باب الرجل يطلق امرأته ثلاثاً معاً، ثم ذكر حديث أبى الصهباء ثم قال: فذهب قوم إلى أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثاً معاً فقد وقعت عليها واحدة إذا كانت فى وقت سنة، وذلك أن تكون طاهراً فى غير جماع، واحتجوا فى ذلك بهذا الحديث وقالوا: لما كان الله عز وجل إنما أمر عباده أن يطلقوا لوقت على صفة فطلقوا على غير ما أمرهم به لم يقع طلاقهم. ألا ترى لو أن رجلاً أمر رجلاً أن يطلق امرأته فى وقت فطلقها فى غيره، أو أمره أن يطلقها على شريطة فطلقها على غير تلك الشريطة أن طلاقه لا يقع؟ إذ كان قد خالف ما أمر به.
ثم ذكر حجج الآخرين والجواب عن حجج هؤلاء على عادة أهل العلم والدين فى إنصاف مخالفيهم والبحث معهم،. ولم يسلك طريق جاهل ظالم متعد يبرك على ركبتيه، ويفجر عينيه ويصول بمنصبه لا بعلمه، وبسوء قصده لا بحسن فهمه، ويقول: القول بهذه المسألة كفر يوجب ضرب العنق، ليبهت خصمه ويمنعه عن بسط لسانه والجرى معه فى ميدانه، والله سبحانه عند لسان كل قائل، وهو له يوم الوقوف بين يديه عما قاله سائل.
الوجه السابع عشر: أن شيخنا حكى عن جده أبى البركات: أنه كان يفتى بذلك أحيانا سراً، وقال فى بعض مصنفاته: هذا قول بعض أصحاب مالك، وأبى حنيفة، وأحمد.
قلت: أما المالكية فقد حكينا الخلاف عنهم، وأما بعض أصحاب أبى حنيفة فإنه محمد بن مقاتل من الطبقة الثانية من أصحاب أبى حنيفة، وأما بعض أصحاب أحمد، فإن كان أراد إفتاء جده بذلك أحيانا، وإلا فلم أقف على نقل لأحد منهم.
الوجه الثامن عشر: قال أبو الحسن النسفى فى وثائقه وقد ذكر الخلاف فى المسألة،