الأشياء بيانا قاطعاً للعذر مقيما للحجة. والحديث الذى رواه أبو داود بإسناد صحيح من حديث عبد الرحمن بن غنم عن أبى مالك الأشعرى رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "ليشربن ناس من أمتى الخمر، يسمونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والقينات، يخسف الله تعالى بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير".
الوجه الثامن: أن النبى صلى الله تعالى وآله وسلم قال: "إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" الحديث.
وهو أصل فى إبطال الحيل وبه احتج البخارى على ذلك. فإن من أراد أن يعامل رجلاً معاملة يعطيه فيها ألفاً بألف وخمسمائة إلى أجل فأقرضه تسعمائة، وباعه ثوباً بستمائة يساوى مائة، إنما نوى بإقراض التسعمائة تحصيل الربح الزائد. وإنما نوى بالستمائة التى أظهر أنها ثمن الثوب الربا. والله يعلم ذلك من جذر قلبه وهو يعلمه، ومن عامله يعلمه، ومن أطلع على حقيقة الحال يعلمه، فليس له من عمله إلا ما نواه وقصده حقيقة من إعطاء الألف حالة، وأخذ الألف والخمسمائة مؤجلة، وجعل صورة القرض وصورة البيع محللاً لهذا المحرم.
الوجه التاسع: ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال:
ووجه ذلك: أن الشارع أثبت الخيار إلى حين التفرق الذى يفعله المتعاقدان بداعية طباعهما. فحرم صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أن يقصد المفارق منع الآخر من الاستقالة وهى طلب الفسخ، سواء كان العقد جائزا أو لازماً، لأنه قصد بالتفرق غير ما جعل التفرق فى العرف له. فإنه قصد به إبطال حق أخيه من الخيار، ولم يوضع التفرق لذلك. وإنما جعل التفرق لذهاب كل منهما فى حاجته ومصلحته.