للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه العاشر: ما روى محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال:

"لا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكبَتِ الْيَهُودُ، وَتَسْتَحِلُّواً مَحَارِمَ اللهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ".

رواه أبو عبد الله بن بطة: حدثنا أحمد بن محمد بن سلام حدثنا الحسن بن الصباح الزعفرانى حدثنا يزيد بن هارون حدثنا محمد بن عمرو، وهذا إسناد جيد يصحح مثله الترمذى.

وهو نص فى تحريم استحلال محارم الله تعالى بالحيل. وإنما ذكر صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أدنى الحيل تنبيها على أن مثل هذا المحرم العظيم الذى قد توعد الله تعالى عليه بمحاربة من لم ينته عنه.

فمن أسهل الحيل على من أراد فعله: أن يعطيه مثلاً ألفاً إلا درهماً باسم القرض، ويبيعه خرقة تساوى درهماً بخمسمائة.

وكذلك المطلق ثلاثاً: من أسهل الأشياء عليه أن يعطى بعض السفهاء عشرة دراهم مثلاً. ويستعيره لينزو على مطلقته فتطيب له، بخلاف الطريق الشرعى. فإنه يصعب معه عودها حلالاً إذ من الممكن أن لا يطلق بل أن يموت المطلق أولا قبله ثم إنه صلى الله عليه وآله وسلم نهانا عن التشبه باليهود، وقد كانوا احتالواً

فى الاصطياد يوم السبت، بأن حفرواً خنادق يوم الجمعة تقع فيها الحيتان يوم السبت ثم يأخذونها يوم الأحد، وهذا عند المحتالين جائز. لأن فعل الاصطياد لم يوجد يوم السبت، وهو عند الفقهاء حرام لأن المقصود هو الكف عما ينال به الصيد بطريق التسبب أو المباشرة.

ومن احتيالهم: أن الله سبحانه وتعالى لما حرم عليهم الشحوم، تأولواً أن المراد نفس إدخاله الفم، وأن الشحم هو الجامد دون المذاب، فجملوه فباعوه وأكلوا ثمنه، وقالوا: ما أكلنا الشحم، ولم ينظروا فى أن الله تعالى إذا حرم الانتفاع بشئ فلا فرق بين الانتفاع بعينه أو ببدله، إذ البدل يسد مسده. فلا فرق بين حال جامده وودكه، فلو كان ثمنه حلالاً لم يكن فى تحريمه كثير أمر، وهذا هو:

<<  <  ج: ص:  >  >>