لله تعالى، ولا لكونه معينا له على طاعة الله تعالى: عذب به فى الدنيا قبل يوم القيامة. كما قيل:
أَنْتَ الْقَتِيلُ بِكلِّ مَنْ أَحْبَبْتَهُ ... فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ فى الْهَوى مَنْ تَصْطَفِى
فإذا كان يوم المعاد ولّى الحكَم العدل سبحانه كل محب ما كان يحبه فى الدنيا. فكان معه: إما منعما أو معذبا. ولهذا:
"يُمَثَّلُ لِصاحِبِ المَالِ مَالُهُ شُجَاعاً أَقْرَعَ يَأْخُذُ بِلِهزمَتَيه، يعنى شدقيه، يقُولُ: أنَا مَالُكَ، أَنَا كَنزُكَ، وَيُصَفّحُ لَهُ صَفَائحَ مِنْ نَارٍ يُكْوَى بِهَا جَبِينُهُ وَجَنبهُ وَظَهْرُهُ".
وكذلك عاشق الصور إذا اجتمع هو ومعشوقه على غير طاعة الله تعالى جمع الله بينهما فى النار، وعذب كلٌ منهما بصاحبه. قال تعالى:
{الأخِلاءُ يَوْمَئذٍ بَعْضهُمْ لِبَعْضٍ عَدُو إلا المُتَّقِينَ} [الزخرف: ٦٧] .
وأخبر سبحانه أن الذين توادوا فى الدنيا على الشرك يكفر بعضهم ببعض يوم القيامة، ويلعن بعضهم بعضا ومأواهم النار وما لهم من ناصرين.
فالمحب مع محبوبه دنيا وأخرى. ولهذا يقول الله تعالى يوم القيامة للخلق: "أَلَيْسَ عَدْلا مِنِّى أَنْ أُوَلّى كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مَا كَانَ يَتَوَلَّى فى دَارِ الدُّنْيا؟ ".
وقال صلى الله تعالى عليه وسلم: "المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبّ". وقال تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهَ يَقُولُ يَا لَيْتَنى اتّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبيلاً يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِى لَمْ أَتّخِذْ فُلاناً خَلِيلا لَقَدْ أَضَلّنِى عَنِ الذكْرِ بَعْدَ إذْ جَاءنى وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً} [الفرقان: ٢٧ - ٢٩] . وقال تعالى: {اُحْشُرُوا الّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الجحِيمِ وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْئُولُونَ مَالَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ} [الصافات: ٢٢ - ٢٥] .
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه "أزواجهم: أشباههم ونظراؤهم" وقال تعالى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} [التكوير:٧] .
فقرن كل شكل إلى شكله، وجعل معه قرينا وزوجا: البر مع البر، والفاجر مع الفاجر.
والمقصود: أن من أحب شيئا سوى الله عز وجل فالضرر حاصل له بمحبوبه: إن وجد وإن فقد، فإنه إن فقده عذب بفراقه وتألم على قدر تعلق قلبه به، وإن وجده كان ما يحصل