قال الواحدى: اختلف المفسرون فى معناه، فروى عطاء عن ابن عباس رضى الله عنهما قال "يعنى من الإثم، ومما كانت الجاهلية تجيزه" وهذا قول قتادة ومجاهد، قالا:"نفسك فطهرها من الذنب" ونحوه قول الشعبى وإبراهيم والضحاك والزهرى. وعلى هذا القول:"الثياب" عبارة عن النفس، والعرب تكنى بالثياب عن النفس ومنه قول الشماخ:
وقال فى رواية الكلبى: يعنى لا تغدر، فتكون غادرا دنس الثياب. وقال سعيد بن جبير:"كان الرجل إذا كان غادرا قيل: دنس الثياب، وخبيث الثياب" وقال عكرمة: "لا تلبس ثوبك على معصية، ولا على فُجْرة" وروى ذلك عن ابن عباس، واحتج بقول الشاعر:
وهذا المعنى أراد من قال فى هذه الآية "وعملك فأصلح" وهو قول أبى رزين ورواية منصور عن مجاهد وأبى رَوْق، وقال السُّدى: يقال للرجل إذا كان صالحا: إنه لطاهر الثياب، وإذا كان فاجراً: إنه لخبيث الثياب. قال الشاعر:
لا هُمَّ إنَّ عَامِرَ بْنَ جَهْمِ ... أوْ ذَمَ حَجا فى ثِيابٍ دُسْمِ
يعنى أنه متدنس بالخطايا، وكما وصفوا الغادر الفاجر بدنس الثوب وصفوا الصالح بطهارة الثوب، قال امرؤ القيس:
ثِيابُ بِنى عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيَّةٌ
يريد أنهم لا يغدرون، بل يفون، وقال الحسن:"خُلقُك فحسنه"، وهذا قول القرطبى، وعلى هذا: الثياب عبارة عن الخلق؛ لأن خلق الإنسان يشتمل على أحواله اشتمال ثيابه على نفسه.