للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

..

وروى العوفى عن ابن عباس فى هذه الآية "لا تكن ثيابك التى تلبس من مكسب غير طيب" والمعنى طهرها من أن تكون مغصوبة، أو من وجه لا يحل اتخاذها منه، وروى عن سعيد بن جبير: "وقلبك ونيتك فطهر" وقال أبو العباس: الثياب اللباس. ويقال: القلب، وعلى هذا ينشد:

فَسُلِّى ثِيابِى مِنْ ثِياَبِكِ تَنْسُلِى

وذهب بعضهم فى تفسير هذه الآية إلى ظاهرها، وقال: إنه أمر بتطهير ثيابه من النجاسات التى لا تجوز معها الصلاة، وهو قول ابن سيرين، وابن زيد. وذكر أبو إسحاق: "وثيابك فقصر" قال: لأن تقصير الثوب أبعد من النجاسة، فإنه إذا انجر على الأرض لم يؤمن أن يصيبه ما ينجسه، وهذا قول طاوس. وقال ابن عرفة "معناه: نساءك طهرهن" وقد يكنى عن النساء بالثياب واللباس. قال تعالى:

{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إلَى نِسائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: ١٨٧] .

ويكنى عنهن بالإزار، ومنه قول الشاعر:

أَلا أَبْلِغْ أبَا حَفْصٍ رَسُولاً ... فِدًى لَكَ مِنْ أخِى ثِقَةٍ: إِزَارِى

أى أهلى، ومنه قول البراء بن معرور للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم ليلة العقبة: "لَنَمْنَعنّكَ مِمّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا" أى نساءنا.

قلت: الآية تعم هذا كله، وتدل عليه بطريق التنبيه واللزوم، إن لم تتناول ذلك لفظا فإن المأمور به إن كان طهارة القلب، فطهارة الثوب وطيب مكسبه تكميل لذلك، فإن خبث الملبس يكسب القلب هيئة خبيثة، كما أن خبث المطعم يكسبه ذلك، ولذلك حرم لبس جلود النمور والسباع بنهى النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن ذلك فى عدة أحاديث صحاح لا معارض لها، لما تكسب القلب من الهيئة المشابهة لتلك الحيوانات، فإن الملابسة

<<  <  ج: ص:  >  >>